وكذلك ذكر الإِمام (١) وأن الإِظهار أرجح (٢) لما في الإِدغام من إذهاب التفشي والتقاء الساكنين والأول حرف صحيح.
ووجه جواز الإِدغام أن إذهاب التفشي يخلفه الصغير (٣) وتخف الكلمة بزوال الكسرة، وهذان التعليلان إنما يصحان إذا حمل الإِدغام على ظاهره، فأما أن أخذ بمعنى الإخفاء وروم الحركة (٤) فلا يصح التعليل بما تقدم، ولا شك أن الإخفاء أولى هربًا من التقاء الساكنين، ولما تقدم من أن الشين لا تدغم في مقاربها، ويحمل الإِدغام إن ثبت على أنه شاذ (٥): إذ القوانين التي تقدم تقريرها إنما هي مبنية على فصيح الكلام وقد تقدم ذكر هذا.

(١) قال ابن الجزري: (والوجهان صحيحان قرأت بهما وبهما آخذ). والله أعلم.
النشر جـ ١ ص ٢٩٣.
(٢) في (ت): راجح.
(٣) في (ت) (الصفر) وهو تحريف والصواب ما في الأصل و (ز) و (س).
(٤) قوله: (وروم الحركة) أي إختلاسها وهو هنا: الإتيان بثلثي حركة الحرف بحيث يكون المنطوق به من الحركة أكثر من المحذوف منها. واعلم بأنه إذا كان قبل الحرف الذي يدغم في غيره حرف صحيح نحو (ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا) و (شَهْرُ رَمَضَانَ) ففيه مذهبان لأهل الإهداء:
الأول: مذهب المتقدمين من أهل الأداء وهو: أن هذا الحرف يدغم في غيره إدغامًا محضًا.
الثاني: مذهب المتأخرين وهو إخفاؤه واختلاس حركته المعبر عنه بالروم. وإلى المذهبين أثار الشاطبي بقوله:
وإدغام حرف قبله صح ساكن عسير وبالإخفاء طبق مفصلا
والحاصل أن في (ذِي الْعَرْشِ سَبيلًا) ثلاث قراءات: الإِظهار والإِدغام المحض والإختلاس. وكلها صحيحة ثابتة مأخوذ بها. ولا عبرة بالترجيح بينها. النشر جـ ١ ص ٢٩٢ - ٢٩٣ - ٢٩٨ - ٢٩٩.
(٥) أي: لغة وهو لا يقدح في القراءة كما مر.


الصفحة التالية
Icon