لابد أن تكون موافقة لما عليه كلام العرب الذي نزل القرآن به، فمن مذهبه من القراء الأخذ بالصبر، والتمكين فإنه يزيد في المد من تلك النسبة، ومن مذهبه الحدر والإِسراع فإنه يمد بتلك النسبة ومن توسط فعلى حسب ذلك، وحينئذ يتناسب المد والتحريك، ولو أن المسرع بالحركات أطال المد والسكن للحركات قصر المد لأدى ذلك إلى تشتت اللفظ وتنافر الحروف. والله أعلم.
السبب الثاني: الموجب للزيادة في حرف المد وهو الحرف الساكن إذا وقع بعد حرف المد، وكان ينبغي للحافظ أن يذكره في هذا الباب كما ذكره في غير هذا الكتاب (١)
وأعلم أن الأصل في كلام العرب أن لا يلتقي ساكنان إلا في الوقف.
فأما الوصل فلا يجوز فيه ذلك في فصيح الكلام إلا أن يكون الأول حرف مد والثاني مدغم فمثاله في الوقف قوله تعالى: ﴿مَنْ ألْفِ شِهْرٍ﴾ (٢) و ﴿مَطْلَعِ الْفَجْر﴾ (٣) و ﴿لِلَّهِ الْأَمْر﴾ (٤) و ﴿مِن قَبْلُ﴾ (٥) و ﴿مِنْ بَعْدُ﴾ و ﴿دَارُ الْخُلْدِ﴾ (٦) و ﴿بِالْقِسْطِ﴾ (٧) لا خلاف في جواز إسكان هذه الكلمات وما أشبهها في الوقف.
ومثاله في الوصل بالشرطين المتقدمين ﴿دَآبًةٍ﴾ (٨) و ﴿الصَّاخةُ﴾ (٩)

(١) انظر: جامع البيان الورقة ٨٣/ ب.
(٢) جزء من الآية: ٥ القدر.
(٣) جزء من الآية: ٤ الروم.
(٤) جزء من الآية: ٢٨ فصلت.
(٥) من مواضعة الآية: ١٨ آل عمران.
(٦) من مواضعة الآية: ١٦٤ البقرة.
(٧) جزء من الآية: ٣٣ عبس.
(٨) جزء من الآية: ٣ القدر.
(٩) جزء من الآية: ٤ الروم.


الصفحة التالية
Icon