فمقتضى قوله في باب اللامات اختيار الفتح من أجل تغليظ اللام، و ﴿لَمَّا رَءَاهَا﴾ (١) في الشعراء (٢) والقصص، فخارج عن هذه الأمثلة وملحق بباب ذوات الراء وإن لم تكن الراء قبل آخره في التقدير.
وله حكم اختص به من إمالة الفتحتين، وموافقة أبي بكر، وابن ذكوان على الإمالة كما هو مذكور في سورة الأنعام (٣) وذكر الحافظ عن أبي عمرو إمالة (أعمى) الأول (٤) في الإِسراء دون الثاني (٥). وعلته أنه أراد التفرقة بينهما لافتراقهما في التقدير؛ إِذ التقدير ومن كان في الدنيا أعمى فهوفي الآخرة أشد عمى. ويقوي هذا المفهوم قوله تعالى: ﴿وَأَضَلَّ سَبِيْلًا﴾ فأعمى الثاني على هذا في حكم الموصول بحرف الجر إِذ المعنى: فهوفي الآخرة أعمى منه في الدنيا، فهو من باب المفاضلة، وأعمى الأول من باب أفعل الذي مؤنثه فعلاء فخص الأول بالإمالة؛ لأن الله طرف في اللفظ، والتقدير وفتح الثاني لأن ألفه في تقدير المتوسط لما يقتضي ٥ من تعلق المجرور به بسبب ما فيه من معنى المفاضلة وخص هذا الموضع دون غيره مما في القرآن من لفظ أعمى لما عرض له هُنا (من) (٦) قصد التفرقة ليشعر باختلاف التقدير فيهما حيث تكرر اللفظ، واختلف التقدير.
ولم يعرض مثل هذا في غير هذا الموضع من القرآن. والله أعلم.
هذا تعليل الحافظ في (الموضح) وعلل الشيخ إمالة الأولى دون الثاني بأن
(٢) صوابه (النمل).
(٣) انظر التيسير ص ١٠٣.
(٤) وهو قوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ في هَذِهِ أَعْمَى﴾ الآية: ٧٢ سورة الإسراء.
(٥) وهو قوله تعالى: ﴿فَهُوَ في الْآخِرَةِ أَعْمَى﴾ الآية: ٧٢ سورة الإسراء.
(٦) ما بين القوسين تكملة من (س) و (ز).