ولم أقف لهما على بيان في ذلك إذا قرأ بالإِدغام الكبير غير أن أبا جعفر ابن الباذش - رَحِمَهُ اللهُ - ذكر في باب الإِدغام من كتاب الإقناع أن شريحًا يجيز الهمز مع الإِدغام (١) ونص كلامه (قال أبو علي الأهوازي: ما رأيت أحدًا ممن قرأت عليه يأخذ بالهمز مع الإِدغام، والناس على ما ذكر الأهوازي إلا أن شريح بن محمد أجاز الإِدغام مع الهمز وما سمعت ذلك من غيره) (٢) إنتهى كلام ابن الباذش - رَحِمَهُ اللهُ -.

(١) قوله: (يجيز الهمز مع الإِدغام) هذا المذهب لم يجزه أحد من أئمة القراء لما فيه من تخفيف الثقيل دون الأثقل؛ قال ابن الجزري: (وأما الإِدغام مع الهمز فلا يجوز عند أئمة القراء والمحققين عن أبي عمرو، وقد انفرد بذكره الهذلي في كامله فقال: وربما همز وأدغم المتحرك هكذا قرأنا على ابن هام علي الأنطاكي علي ابن بدهن علي ابن مجاهد علي أبي الزعراء علي الدوري؛ قال ابن الجزري: كذا ذكره الهذلي وهو وهم منه عن ابن هشام المذكور عن هذا الأنطاكي؛ لأن ابن هشام أخذ عنه غير واحد من الأئمة ولم يحك أحد منهم ما حكاه الهذلي ولا ذكره البتة، وكذلك أغرب القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي حيث قال: أقرأني أبو القاصم عبد الله بن اليسع الأنطاكي عن قراءته على الحسين بن إبراهيم بن أبي عجرم الأنطاكي عن قراءته على أحمد بن جبير عن اليزيدي عن أبي عمرو بالإِدغام الكبير مع الهمز؛ قال القاضي: ولم يقرئنا أحد من شيوخنا بالإِدغام مع الهمز إلا هذا الشيخ؛ قال ابن الجزري: ولا يتابع هذا الشيخ ولا الراوي عنه على ذلك؛ إذ كان على خلافة أئمة الأمصار في سائر الأعصار، بل الصواب الأخذ بما عليه الأئمة، وجمهور الأمة، ونصوص أصحاب أبي عمرو: فقد روى الحافظ أبو عمرو أن أبا عمرو كان إذا قرأ في الصلاة أو أدرج قراءته أو قرأ بالإِدغام لم يهمز كل همزة ساكنة، فلذلك تعين له القصر أيضًا حالة الإِدغام.
انظر النشر جـ ١ ص ٢٧٧، ٢٧٨. والحاصل أن الإِدغام أعنى الكبير إذا اجتمع مع الهمز الساكن نحو {وَلَما يَأتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ قَالَ) آية ٣٩ يونس: امتنع تحقيق الهمز وتعين إبداله، وإذا اجتمع الإِدغام مع المد نحو (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ) الآية (٦) الأنعام: امتنع المد وتعين القصر.
(٢) انظر الإقناع جـ ١ ص ١٩٥.


الصفحة التالية
Icon