القرآن: ﴿بَرِيءٌ﴾ (١) و ﴿النَّسِيءُ﴾ (٢) وزنهما (فَعيل) و ﴿ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ (٣) من ذوات الواو، وزنه (فعول) لا غير.
وامتنع هنا نقل الحركة إلى الواو والياء، لكونهما زائدين لمجرد المد، فقوى شبههما بالألف التي هي الأصل في حروف المد، ألا ترى أن الياء والواو هنا إنما وضعا لمجرد أصل المد، وإذا كان كذلك فلا سبيل لهما إلى الحركة، كما أن الألف لا تقبل الحركة أبدًا؛ ولهذا أظهروهما إذا وقع بعدهما مماثل لهما كقوله تعالى: ﴿الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ (٤) و ﴿آمَنُوا وَعَمِلُوا﴾ (٥) فإن قيل: فكان يلزم أن لا يدغم في باب (النسئ) و (قروء) لكون الياء والواو فيه حرفي مد، كما لم يدغم ﴿الَّذِي يَدُعُّ﴾ و ﴿آمَنُوا وَعَمِلُوا﴾؟
فالجواب: أن الضرورة فرقت بين البابين إذ لو لم يدغموا في باب (النسئ) و (قرؤ) للزم أحد أمرين:
إما حذف الهمزة بحركتها - وهم لا يحذفون إلا إذا نقلوا الحركة - وإما أن يمدوا مدة مطولة (٦) في تقدير ياءين وواوين، على ما يراه الحافظ: إذا كان قبل الهمزة ألف، كما يأتي بعد بحول الله تعالى.
ولا شك أن الإِدغام أخف من هذا التكلف، ولم تعرض هذه الضرورة في باب ﴿الَّذِي يَدُعُّ﴾ و ﴿آمَنُوا وَعَمِلُوا﴾ - لا سيما - والواو

(١) جزء من الآية: ١٩ الأنعام.
(٢) جزء من الآية: ٣٧ التوبة.
(٣) جزء من الآية: ٢٢٨ البقرة.
(٤) جزء من الآية: ٢ الماعون.
(٥) جزء من الآية: ٣ العصر.
(٦) في (ت) (طويلة).


الصفحة التالية
Icon