أصل البربر واستيطانهم المنطقة:
كان البربر بفلسطين، وكان ملكهم جالوت، فلما قتله داوود عليه السلام خرج البربر متوجهين إلى المغرب حتى انتهوا إلى لوبية ومراقية - وهما كورتان من كور مصر الغربية مما يشرب من السماء ولاينالهما النيل - فتفرقوا هناك، فتقدمت زناتة ومغيلة إلى المغرب وسكنوا الجبال، وتقدمت لواتة فسكنت أرض أنطابلس وهي برقة، وتفرقت في هذا المغرب وانتشروا فيه، حتى بلغوا السوس، ونزلت هوارة مدينة لبدة ونزلت نفوسة إلى مدينة سبرت وجلا من كان بها من الروم من أجل ذلك وأقام الأفارقة. ويزعم البربر أنهم من ولد بر بن قيس، ورد ذلك عبد الله بن صالح فقال: ما جعل الله لقيس ولداً يقال له بر، وإنما هم من الجبارين الذين قاتلهم داود عليه السلام، وكانت منازلهم على أيادي الدهر فلسطين، وهم أهل عمود فأتوا المغرب فتناسلوا به (١).
وكان يسكن غرب إفريقية أيضا الروم البيزنطيون، وهم الفرنجة وكانوا قد استولوا على البلاد وأذلوا أهلها والأفارقة، وهم الذين وفدوا إليها من مختلف البلاد (٢).
فتح برقة وزويلة:
سار عمرو بن العاص بعد فتح الإسكندرية في الخيل يريد المغرب، حتى قدم برقة وهي إنطابلس فصالح أهلها بعد أن قاتلهم وحاربهم على ثلاثة عشر ألف دينار يؤدونها إليه جزية على أن يبيعوا من أحبوا من أبنائهم في جزيتهم وكتب لهم في ذلك كتابا.
وكتب عمرو بن العاص على لواتة من البربر في شرطه عليهم أن عليكم أن تبيعوا أبناءكم وبناتكم فيما عليكم من الجزية.
وخالفه عمر بن عبد العزيز لما ولي فكتب في اللواتيات: أن من كانت عنده لواتية فليخطبها إلى أبيها أو فليرددها إلى أهلها.
وقد فتحت بعهد من عمرو بن العاص، وكان يقول على المنبر: لأهل أنطابلس عهد يوفى به.
ولم يكن يدخل برقة يومئذ جابي خراج
_________
(١) انظر فتوح مصر١١٦، مسالك ابن خردذابة ٩١، العبر ٢/ ١٢٨.
(٢) انظر المغرب الإسلامي ٨٥ - ٩٤، حسن البيان ٨٤ - ٨٥، ١٦٠، الحياة الاجتماعية ١٨٩ - ٢٠٠، المجتمع التونسي ٣٦، المغرب الكبير ٢/ ١٣٣ - ١٤٠.