فمتى أظهره فقد جعل من الحرف المشدد حروفًا، ومن المخفف حرفين".
وقال (١): "والتكرير في الراء المشددة أظهر وأحوجُ إلى الإخفاء منه في المخفَّفة". انتهى.
وقال العلامة الجعبري: "وطريق السلامة منه - أي التكرير - أن يُلصق اللافظ به رأس لسانه بأعلى حنكه لصقًا محكمًا مرة واحدة، بحيث لا يرتعد؛ لأنه متى ارتعد حدث من كل مرة راء، فهذه الصفة يجب أن تعرف لتجتنب لا ليؤتى بها، وذلك كالسحر يعرف ليجتنب، بخلاف سائر الصفات فإنها تعرف ليعمل بها". اهـ.
قوله: (لا ليؤتى بها) يوضحه كلام مكي: "فيجب على القارئ أن يخفي تكريره"، وكذا ما يأتي في كلام المرعشي.
أقول: فالمقصود هو إخفاء التكرير بحيث لا يتبين للسامع، وليس المقصود إعدام هذه الصفة بالكلية كما يزعم بعض القراء، فتجدهم ينطقون بالراء ممجوجة كأنها لام مغلظة، أو طاء، وهو لحن ينبغي التحرّز عنه، وهو الذي يسميه ابن الجزري بالحصرمة، فقد قال (٢): "وقد توهم بعض الناس أن حقيقة التكرير: ترعيد اللسان بها المرة بعد المرة، فأظهر ذلك حال تشديدها... والصواب: التحفظ من ذلك بإخفاء تكريرها كما هو مذهب المحققين.
وقد يبالغ قوم في إخفاء تكريرها مشددة، فيأتي بها محصرمة، شبيهة بالطاء، وذلك خطأ لا يجوز". انتهى.
والحصرمة: بالحاء المهملة والصاد المهملة، من الحصر وهو: العيُّ في المنطق، فالذي يبالغ في إخفاء تكرير الراء المشددة، يجد في لسانه ثقلاً يشبه الحصر، وهو العي، وسمي فعل ذلك بالحصرمة.
قال المرعشي (٣): "ليس معنى إخفاء تكريره إعدام تكريره بالكلية
_________
(١) جهد المقل، ص: ٣٥، ٣٦.
(٢) النشر ١: ٢١٨.
(٣) جهد المقل، ص: ٣٦.