والجوهري في «صحاحه»، ولم يذكر الجوهري مادّة تخذ، خلافا لصاحب «القاموس»، فإنه ذكر المادتين أخذ، وتخذ، إلا أنه جعل الثانية من الأولى.
وقال ابن الأثير: إنه ليس من الأخذ في شيء، وأشار بذلك إلى أنّ تخذ مادة مستقلة، وقال: إن الافتعال من الأخذ إئتخذ؛ لأنّ فاءه همزة، والهمزة لا تدغم، وغلّط الجوهريّ. وقول الجوهري أظهر. والله أعلم.
﴿ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ﴾ لما أسند الفعل إلى ضمير الرفع المتحرك، بني على سكون آخره، فوزنه فعلنا لا فعونا ﴿وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ﴾ آتينا أصله أأتى بوزن أفعل، أبدلت الهمزة الثانية حرف مد مجانسا لحركة الأولى، وسكن آخره حين أسند الفعل إلى ضمير الرفع المتحرك ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ أصله تهتديون بوزن تفتعلون، استثقلت الضمة على الياء، فحذفت، فسكنت الياء، فالتقى ساكنان، فحذفت الياء، وضمت الدال؛ لمناسبة الواو ﴿وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ﴾ في «القاموس» البحر: الماء الكثير، أو الملح، والجمع بحور، وبحار، وأبحر. انتهى.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبا من البلاغة، وأنواعا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإضافة للتعظيم في قوله: ﴿نِعْمَتِيَ﴾ فإن فيها إشارة إلى عظم قدرها، وسعة برها، وحسن موقعها؛ لأن الإضافة إلى العظيم والشريف تفيد التعظيم والتشريف، كما في قولهم: ﴿بيت الله﴾، وقوله: ﴿ناقَةُ اللَّهِ﴾.
ومنها: فن التعطّف في قوله: ﴿أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ ومعناه: إعادة اللفظة بعينها في الجملة من الكلام، ويسميه بعضهم فن المشاركة.
ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: ﴿وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ﴾؛ لأنه على حذف موصوف؛ أي: أوّل فريق كافر به.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعيّة في قوله: ﴿وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي﴾؛ لأن الاشتراء مستعار للاستبدال بجامع الأخذ في كل، كما تقدم في قوله: {أُولئِكَ


الصفحة التالية
Icon