الاحتمالات التسعة، الجارية في جملة الحمدلة؛ أن تكون (أل) جنسية، واللام للاستحقاق كما في حلّنا؛ لأنّه يلزم من استحقاق الجنس استحقاق الإفراد؛ أي: جنس الحمد مستحقّ لله سبحانه؛ وذلك لأنّ (أل) في ﴿الْحَمْدُ﴾: إمّا جنسيّة؛ أي: جنس الحمد، أو استغراقية؛ أي: كلّ الحمد بأنواعه، أو للعهد؛ أي: الحمد المعهود، وهو حمد الله لنفسه، وحمد عباده له، واللام في ﴿لِلَّهِ﴾: إما للاستحقاق، أو للملك، أو للاختصاص، فهذه ثلاثة في الثلاثة الأولى بتسعة. وقال النسفي: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ لفظه خبر، كأنّه سبحانه يخبر (١)، أنّ المستحقّ للحمد هو الله تعالى، ومعناه الأمر؛ أي: قولوا: الحمد لله، وفيه تعليم الخلق كيف يحمدونه.
و ﴿الْحَمْدُ﴾ لغة (٢): هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري، سواء كان في مقابلة نعمة أم لا.
وعرفا: فعل يدلّ على تعظيم المنعم بسبب كونه منعما، سواء كان قولا باللسان؛ بأن يثني عليه به، أو اعتقادا بالجنان، بأن يعتقد اتصافه بصفات الكمال، أو عملا وخدمة بالأعضاء، والأركان؛ بأن يجهد نفسه في طاعته، فمورد العرفي؛ أي: محلّه عامّ، ومتعلّقه؛ أي: سببه الباعث عليه، وهو النعمة خاصّ، والشكر: مقابلة النعمة قولا، وعملا، واعتقادا، قال بعضهم:

وما كان شكري وافيا بنوالكم ولكنني حاولت في الجهد مذهبا
أفادتكم النعماء منّي ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجّبا
يعني: أنّ الشكر هو الاعتراف بالفضل، إزاء نعمة صدرت من المشكور، بالقلب، أو باللسان، أو باليد، أو غيرها من الأعضاء، كما في البيت: يريد الشاعر أنّ يدي، ولساني، وقلبي لكم فليس في القلب إلّا نصحكم ومحبتكم، ولا في اللسان، إلّا الثناء عليكم ومدحكم، ولا في اليد، وسائر الجوارح، والأعضاء؛ إلّا مكافأتكم وخدمتكم.
(١) النسفي.
(٢) البيضاوي.


الصفحة التالية
Icon