تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام في مولاه عزيز مصر: ﴿إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوا﴾ يَ وقوله: ﴿ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ﴾ وكقول عبد المطلب يوم الفيل لأبرهة قائد النجاشي: أمّا الإبل: فأنا ربّها، وأما البيت: فإنّ له ربّا يحميه.
وعبارة «الروح»: والرّب: (١) بمعنى التربية، والإصلاح، أمّا في حقّ العالمين: فيربّيهم بأغذيتهم، وسائر أسباب بقاء وجودهم، وأمّا في حقّ الإنسان:
فيربّيه تارة بأطواره، وفيض قوى أنواره في أعضائه. فسبحان من أسمع بعظم، وبصّر بشحم، وأنطق بلحم، وأخرى بترتيب
غذائه في النبات بحبوبه، وثماره، وفي الحيوان بلحومه، وشحومه، وفي الأراضي بأشجاره، وأنهاره، وفي الأفلاك بكواكبه، وأنواره، وفي الزمان بسكونك، وتسكين الحشرات، والحركات المؤذية في الليالي، وحفظك، وتمكينك من ابتغاء فضله في النهار. فيا هذا! يربّيك كأنّه ليس له عبد سواك، وأنت لا تخدمه، أو تخدمه كأنّ لك ربّا غيره. انتهى.
وقرأ زيد بن عليّ، وطائفة (٢): ﴿رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ بالنصب على المدح، وهي فصيحة، لولا خفض الصفات بعدها، وضعّفت إذ ذاك، على أنّ الأهوازي حكى في قراءة زيد بن عليّ أنّه قرأ: ﴿رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ بنصب الثلاثة، فلا ضعف إذ ذاك، وإنّما ضعّفت قراءة نصب رب، وخفض الصفات بعدها؛ لأنّهم نصّوا على أنّه لا إتباع بعد القطع في النعوت، لكن تخريجها على أن يكون الرحمن بدلا، ولا سيّما على مذهب الأعلم، إذ لا يجيز في الرحمن أن يكون صفة، وحسّن ذلك على مذهب غيره، كونه وصفا خاصّا، وكون البدل على نيّة تكرار العامل، فكأنّه مستأنف من جملة أخرى، فحسن النصب. وقول من زعم:
أنّه نصب رب بفعل دلّ عليه الكلام قبله، كأنّه قيل: نحمد الله ربّ العالمين.
ضعيف؛ لأنّه مراعاة التوهّم، وهو من خصائص العطف، ولا ينقاس فيه.
دقيقة: (٣) في لفظ ربّ خصوصيّة لا توجد في غيره من أسمائه تعالى، وهي:
(٢) البحر المحيط.
(٣) هداية الطالب.