الإصلاح (١) واجب شرعا، وعليه تتوقف قوة الأمة وعزتها، وبه تحفظ وحدتها، روي عن عبادة بن الصامت قال: نزلت هذه الآية فينا معشر أصحاب بدر حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من بين أيدينا، فجعله لرسوله، فقسمه بين المسلمين على السواء، وكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله، وإصلاح ذات البين.
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿وَرَسُولَهُ﴾ صلى الله عليه وسلّم أيها المؤمنون في كل ما يأمر به وينهى عنه، ويقضى به ويحكم، فالله تعالى مالك أمركم، والرسول مبلغ عنه، ومبين لوحيه بالقول والفعل والحكم، وعلى هذه الطاعة تتوقف النجاة في الآخرة، والفوز بثوابها، والرسول صلى الله عليه وسلّم يطاع في اجتهاده في أمر الدنيا المتعلق بالمصالح العامة، ولا سيما في الشؤون الحربية؛ لأنّه القائد العام، فمخالفته تخل بالنظام، وتؤدي إلى الفوضى التي لا تقوم للأمة معها قائمة، ولأئمة المسلمين من حق الطاعة في تنفيذ الشرع، وإدارة شؤون الأمة، وقيادة الجند، ما كان له صلى الله عليه وسلّم بشرط عدم معصية الله تعالى، ومشاورة أولي الأمر، ثم قال: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾؛ أي: امتثلوا لهذه الأوامر الثلاثة إن كنتم مستمرين على الإيمان بالله؛ لأنّ هذه الأمور الثلاثة - التي هي تقوى الله وإصلاح ذات البين وطاعة الله والرسول - لا يكمل الإيمان بدونها، بل لا يثبت أصلا لمن لم يمتثلها؛ فإن من ليس بمتق وليس بمطيع لله ورسوله ليس بمؤمن.
أي: إن كنتم كاملي الإيمان.. فامتثلوا هذه الأوامر الثلاثة، إذ كمال الإيمان يقتضي ذلك الامتثال؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى أوجبه، فالمؤمن بالله حقا يكون من نفسه وازع يسوقه إلى الطاعة واتقاء المعاصي، إلا أن يعرض له ما يغلبه عليها أحيانا من ثورة شهوة، أو فورة غضب، ثم لا يلبث أن يفيء إلى أمر الله، ويتوب إليه مما عرض له.
٢ - ثم وصف الله تعالى المؤمنين بخمس صفات تدل على وجوب التقوى،