أحدهما: أنّه قواهم بالاستراحة على القتال من الغد.
الثاني: أنّه أمنهم بزوال الرعب من قلوبهم.
وقيل: إن النوم غشيهم في حال التقاء الصفين، وقد مضى في يوم أحد نحو من هذا في سورة آل عمران، وروى البيهقي في «الدلائل» عن علي كرم الله وجهه قال:
ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأينا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلي تحت شجرة، حتى أصبح. والمتبادر من الآية أنّ النعاس كان في أثناء القتال، وهو يمنع الخوف؛ لأنّه ضرب من الذهول والغفلة عن الخطر.
وقرأ (١) ابن كثير، وأبو عمرو، ومجاهد، وابن محيصن ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ﴾ بفتح الياء، وسكون الغين، وفتح الشين بعدها ألف مضارع غشي الثلاثي، والنعاس رفع به، وقرأ الأعرج وابن نصاح وأبو حفص ونافع: ﴿يُغَشِّيكُمُ﴾ بضم الياء وسكون الغين وكسر الشين، النعاس بالنصب مضارع أغشى الرباعي، وقرأ عروة بن الزبير، ومجاهد، والحسن وعكرمة، وأبو رجاء، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: ﴿يُغَشِّيكُمُ﴾ بضم الياء وفتح الغين مشددة الشين مكسورة، النعاس بالنصب، وقرأ الجمهور ﴿أَمَنَةً﴾ بالتحريك، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو المتوكل، وأبو العالية، وابن يعمر، وابن محيصن، ﴿أَمَنَةً مِنْهُ﴾ بسكون الميم على وزان رحمة.
﴿وَ﴾ اذكروا نعمة ﴿إذ ينزل﴾ الله سبحانه وتعالى ﴿عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً﴾؛ أي: مطرا ﴿لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾؛ أي: بذلك الماء من الأحداث والجنابات، ﴿وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ﴾؛ أي: وسوسته إليكم، بأنكم لو كنتم على الحق ما كنتم عطاشا محدثين، والمشركون على الماء ﴿وَلِيَرْبِطَ﴾ به ﴿عَلى قُلُوبِكُمْ﴾ باليقين والصبر، وقال الواحدي: ويشبه أن تكون لفظة ﴿عَلى﴾ صلة، والمعنى: وليربط قلوبكم بالصبر، وما أوقع فيها من اليقين، وفي «الوسيط»: ﴿عَلى﴾ زائدة، والمعنى: وليربط قلوبكم بما أنزل من الماء، ولا تضطرب بوسوسة الشيطان اه

(١) البحر المحيط وزاد المسير.


الصفحة التالية
Icon