السلاح وحمله والضرب به، فإذا قطعت بنانه تعطّل عن ذلك كلّه.
روي (١) عن أبي داود المازني، وكان شهد بدرا قال: إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري. وعن سهل بن حنيف قال: لقد لقينا يوم بدر، وإنّ أحدنا ليشير بسيفه إلى المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف.
وقرأ (٢) عيسى بن عمر بخلاف عنه: ﴿إني معكم﴾ بكسر الهمزة على اضمار القول على مذهب البصريين، أو على إجراء ﴿يُوحِي﴾ مجرى يقول على مذهب الكوفيين، وقرأ ابن عامر، والكسائي، والأعرج: ﴿الرُّعْبَ﴾ بضم العين، وقال (٣) الفراء علمهم مواضع الضرب، فقال: اضربوا الرؤوس والأيدي، والأرجل، فكأنه قال: فاضربوا الأعالي إن تمكنتم من الضرب فيها، فإن لم تقدروا، فاضربوهم في أوساطهم، فإن لم تقدروا فاضربوهم في أسافلهم، فإنّ الضرب في الأعالي يسرع بهم إلى الموت، والضرب في الأوساط يسرع بهم إلى عدم الامتناع، والضرب في الأسافل يمنعهم من الكر والفر، فيحصل من ذلك إما إهلاكهم بالكلية، وإما الاستيلاء عليهم. انتهى.
والخلاصة (٤): فاضربوا الهام وافلقوا الرؤوس، واجتزوا الرقاب، وقطّعوها، وقطعوا الأيدي ذات البنان، التي هي أداة التصرف في الضرب وغيره، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم يمر بين القتلى ببدر بعد انتهاء المعركة، ويقول: «نفلق هاما» فيتم البيت أبو بكر رضي الله عنه وهو:

نفلّق هاما من رجال أعزّة علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
وفي ذلك دليل على ألمه صلى الله عليه وسلّم من الضرورة التي ألجأته إلى قتل صناديد قومه، فالمشركون هم الذين ظلموه، هو ومن آمن به، حتى أخرجوهم من وطنهم بغيا وعدوانا، ثم تبعوهم إلى دار هجرتهم يقاتلونهم فيها.
(١) الخازن.
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.
(٤) المراغي.


الصفحة التالية
Icon