فهو خير لكم في الدين بالخلاص من العقاب والفوز بالثواب، وفي الدنيا بالخلاص من القتل، والأسر والنهب، وإن تعودوا إلى القتال نعد إلى تسليط المسلمين على قتلكم، ولن تدفع عنكم جماعتكم شيئا من الضرر ولو كثرت.
وقيل: هذا خطاب للمؤمنين، والمعنى: إن تستنصروا أيها المؤمنون، فقد جاءكم النصر، وإن تنتهوا عن المنازعة في أمر الأنفال، وعن طلب الفداء على الأسرى فهو خير لكم، وإن تعودوا إلى تلك المنازعة نعد إلى ترك نصرتكم، ثم لا تنفعكم كثرتكم.
وقرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم (١): ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بفتح همزة أن على أنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: والأمر، والشأن كون الله سبحانه وتعالى مع المؤمنين بمعونته، وتوفيقه، فلا تضرهم قلتهم، ولا كثرة عددكم فهو يؤتي النصر من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين، أو على أنه معطوف على علة محذوفة، لمعلول محذوف، تقديره: فعل الله بكم ما فعل من الأسر، والقتل، والهمزيمة، لأن الله سبحانه وتعالى ليس معكم، وأن الله مع المؤمنين، وقرأ باقي السبعة بكسرها على الاستئناف، وقرأ ابن مسعود: ﴿والله مع المؤمنين﴾.
٢٠ - ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ورسوله ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ في الاجابة إلى الجهاد، وترك المال إذ أمر الله بتركه؛ أي: داوموا على طاعته، وعلى عدم التولي، وعلى ترك المال يدم لكم العز الذي حصل لكم ببدر ﴿وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾؛ أي: عن الرسول؛ أي: ولا تعرضوا عن طاعته، وعن قبول قوله، وعن معونته في الجهاد، فالضمير في ﴿عَنْهُ﴾ عائد على الرسول؛ لأنّ طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلّم هي من طاعة الله، ويحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى الله، وإلى رسوله، وقل: الضمير راجع إلى الأمر الذي دل عليه ﴿أَطِيعُوا﴾ وأصل تولوا تتولوا بتائين.
﴿وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾؛ أي: والحال أنكم تسمعون كلامه الداعي إلى وجوب طاعته، وموالاته، ونصره في جهاده، ولا شك أن المراد بالسماع هنا: سماع

(١) الفتوحات والبحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon