فقال: "يوم النحر" أخرجه الترمذي، قال: ويروى موقوفًا عليه، وهو أصح. وعن عمر: أنَّ رسول الله - ﷺ - وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها، فقال: "أيُّ يوم هذا؟ " فقالوا: يوم النحر، فقال: "هذا يوم الحج الأكبر" أخرجه أبو داود. وقيل: هو يوم عرفة؛ لأنَّ الوقوف بعرفه معظم أفعال الحج، ويروى ذلك عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وعطاء وطاووس ومجاهد وسعيد بن المسيب.
ووصف الحج بالأكبر؛ احترازًا عن العمرة، فهي الحج الأصغر، لأنَّ أعمالها أقلُّ من أعمال الحج؛ إذ يزيد عليها بأمور، كالرمي والمبيت، فكان أكبر بهذا الاعتبار.
وقوله: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ على حذف الجار، والتقدير: أي: هذه الآيات أذان وإعلام صادر من الله ورسوله إلى الناس كافة بأن الله سبحانه وتعالى بريء من موالاة المشركين الناقضين للعهد، ورسوله بريءٌ منهم أيضًا.
فإن قلت (١): لا فرق بين قوله: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١)﴾ وبين قوله: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ فما فائدة هذا التكرار؟
قلت: المقصود من الآية الأولى: البراءة من العهد، ومن الآية الثانية: البراءة التي هي نقيض الموالاة الجارية مجرى الزجر والوعيد، والذي يدل على صحة هذا الفرق: أنَّه قال في أولها ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى﴾ يعني بريءٌ إليهم، وفي الثانية: بريء منهم.
والمعنى: وهذا الآتي من الآيات إعلامٌ (٢) من الله سبحانه وتعالى ورسوله - ﷺ - بالبراءة من عهود المشركين وموالاتهم وسائر خرافات شركهم وضلالهم في وقت يسهل فيه ذلك التبليغ والإعلام، وهو يوم الحج الأكبر الذي هو يوم النحر الذي تنتهي فيه فرائض الحج، ويجتمع فيه الحجاج لإتمام مناسكهم في مِنى.

(١) الخازن.
(٢) الخازن.


الصفحة التالية
Icon