العامة فما يفعله بعض الفرق أو الجماعات يكون له تأثير في جملتها، والمنكر الذي يفعله بعضهم إذا لم ينكره عليه جمهورهم ويزيلوه.. يؤاخذون به كلهم، كما قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾.
وسبب هذا القول منهم أن اليهود قتلوا الأنبياء بعد موسى عليه السلام، فأضاعوا التوراة وعملوا بغير الحق، فرفع الله عنهم التابوت الذي فيه التوراة، وأنساهم التوراة ومحاها من قلوبهم، فتضرع عزير إلى الله تعالى ودعاه أن يرد إليه التوراة، فبينما هو يصلي مبتهلًا إلى الله تعالى، إذ نزل نور من السماء، فدخل جوفه فعادت التوراة إليه، فأعلم قومه، وقال: يا قوم قد آتاني الله تعالى التوراة، وردها علي، فتعلموا منه عن ظهر لسانه، ثم إن التابوت نزل بعد ذهابه منهم، فلما رأوا التابوت، عرضوا ما كان يعلمهم عزير على ما في التابوت.. فوجدوه مثله، فقالوا: ما جمع التوراة في صدر عزير وهو غلام إلا لأنه ابنه.
﴿وَقَالَتِ النَّصَارَى﴾؛ أي: قال بعضهم: ﴿الْمَسِيحُ﴾ عيسى بن مريم ﴿ابْنُ اللَّهِ﴾ تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وهذا قول القدماء منهم، كانوا يريدون به المحبوب أو المكرم، ثم سرت إليهم وثنية الهنود، فاتفقت كلمتهم على أنه ابن الله حقيقةً وعلى أن ابن الله بمعنى ﴿اللَّهِ﴾ وبمعنى روح القدس إذ هذه الثلاثة عندهم واحد حقيقة.
روي أن أتباع عيسى كانوا على الدين الحق، بعد رفع عيسى عليه السلام إحدى وثمانين سنة، يصلون إلى القبلة ويصومون رمضان، حتى وقع حرب بينهم وبين اليهود، وكان في اليهود رجل شجاع، يقال له: بولس، قتل جماعة من أصحاب عيسى عليه السلام، ثم قال بولس لليهود: إن كان الحق مع عيسى.. فقد كفرنا، والنار مصيرنا، فنحن مغبونون إن دخلنا النار، ودخلوا الجنة، فإني سأحتال وأضلهم حتى يدخلوا النار معنا، ثم إنه أتى إلى النصارى. فقالوا: له من أنت؟ قال: أنا عدوكم بولس، قد نوديت من السماء: إنه ليست لك توبة حتى تتنتصر وقد تبت، فأدخله النصارى الكنيسة، ومكث سنة في بيت فيها، ولم يخرج منها حتى تعلم الإنجيل، ثم خرج، وقال: قد نوديت: إن الله قد قبل توبتك،


الصفحة التالية
Icon