كان بمعنى مفعول فلا بد من إضمارٍ إما في النسيء؛ أي: إن نسأ النسيء، أو في زيادة؛ أي: ذو زيادة، وبتقدير هذا الإضمار يُردُّ على ما يرد على قوله: ولا يجوز أن يكون فعيلًا بمعنى مفعول؛ لأنه يكون المعنى: إنما المؤخر زيادة، والمؤخر الشهر، ولا يكون الشهر زيادة في الكفر ذكره في "البحر".
وفي "المختار": والنسيئة كالفعيلة التأخير، وكذا النسآء، بالفتح والمد، التأخير والنسيء في الآية، فعيل بمعنى: مفعول، من قولك نسأه، من باب: قطع؛ أي: أخره فهو منسوء فحول منسوء إلى نسيء، كما حول مقتول إلى قتيل، والمراد: تأخيرهم حرمة المحرم إلى صفر، انتهى.
﴿انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ النفر والنفور: الفرار من الشيء أو الإقدام عليه بخفة ونشاط، يقال: نفرت الدابة والغزال، نفورًا ونفر الحجيج من عرفات نفرًا واستنفر الملك العسكر إلى القتال، وأعلن النفير العام، فنفروا خفافًا وثقالًا وفي "الخازن" يقال: استنفر الإمام الناس إذا حثهم على الخروج إلى الجهاد ودعاهم إليه، ومنه قوله - ﷺ - "إذا استنفرتم، فانفروا" والاسم النفير، اهـ ﴿اثَّاقَلْتُمْ﴾؛ أي: تبأطاتم وملتم عن الجهاد إلى القعود في الأرض، وأصله تثاقلتم، فأبدلت التاء ثاءً مثلثة ثم أدغمت في الثاء، ثم اجتلبت همزة الوصل، توصلا إلى النطق بالساكن، فصار اثاقلتم ﴿مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ والمتاع ما يتمتع به من لذات الدنيا ﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ والغار: النقب العظيم في الجبل، والمراد هنا غار جبل ثور، يجمع على غِيران، مثل: تاج وتيجان وقاع وقيعان، والغار أيضًا نبت طيب الريح، والغار أيضًا: الجماعة والغاران: البطن والفرج، وألف الغار منقلبةٌ عن واوٍ، اهـ "سمين".
﴿لِصَاحِبِهِ﴾ والصاحب: هو أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - سكينته والسكينة: سكون النفس واطمئنانها، وهو ضد الانزعاج والاضطراب و ﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ﴾ هي التوحيد و ﴿كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ هي الشرك والكفر.
﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ أي: انفروا على الصفة التي يخفف عليكم الجهاد فيها، وعلى الصفة التي يثقل عليكم الجهاد فيها، وهذان الوصفان يدخل تحتهما


الصفحة التالية
Icon