وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِه} كأنه قال: ليس له صفة تكره وتعاب إلا أنه ترتب على قدومه إليهم هجرته عندهم إغناء الله إياهم بعد شدة الحاجة، وهذه ليست صفة ذم، فحينئذٍ ليست له صفة تُذم أصلًا، وهو من باب قول النابغة:
وَلاَ عَيْبَ فِيْهِمْ غير أنَّ سيُوْفَهُمْ | بِهنَّ فُلُوْلٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ |
مَا نَقَمُوْا مِنْ بَنِيْ أُمَيَّةَ إِلَّا | أَنَّهُمْ يَحْلَمُوْنَ إِنْ غَضِبُوْا |
وَأنَّهُمْ سَادَةُ الْمُلُوْكِ وَلاَ | يَصْلُحُ إِلَّا عَلَيْهِمُ الْعَرَبُ |
ومنها: اللف (١) والنشر المرتب في قوله: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا﴾ فقوله: ﴿بَخِلُوا بِهِ﴾ راجع لقوله: ﴿لَنَصَّدَّقَنَّ﴾ وقوله: ﴿وَتَوَلَّوْا﴾ راجع لقوله: ﴿وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.
ومنها: المقابلة في قوله: ﴿فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ﴾ وفي قوله: ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا﴾ وهي من المحسنات البديعية.
ومنها: جناس الاشتقاق بين يعلم وعلام في قوله: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾.
ومنها: أن التنوين في قوله: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ للتهويل والتفخيم.
ومنها: طباق السلب في قوله: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ﴾.
ومنها: المقابلة (٢) المعنوية بين قوله: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ﴾، وقوله: ﴿وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا﴾ لأن الفرح من ثمرات المحبة.
(١) الفتوحات.
(٢) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.