تخصيص محمَّد بالنبوة، وأزال هذا التعجب بقوله: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ﴾ ثم ذكر دلائل التوحيد والبعث والجزاء.. ذكر هنا جوابًا عن شبهة كانوا يقولونها أبدًا، وهي: اللهم إن كان ما يقول محمَّد حقًّا في أداء الرسالة، فأمطر علينا حجارة من السماء.
وخلاصة الجواب: أنه لا مصلحة لهم في إيصال الشر إليهم، إذ لو أوصله إليهم لماتوا وهلكوا، ولا صلاح في إماتتهم، فربما آمنوا بعد ذلك، أو خرج من صلبهم من يكون مؤمنًا.
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا...﴾ الآية، مناسبتها لما قبلها: أنهم لما استدعوا حلول الشر بهم، وأنه تعالى لا يفعل ذلك بطلبهم، بل يترك من لا يرجو لقائه يعمه في طغيانه.. بين شدة افتقار الناس إليه واضطرارهم إلى استمطار إحسانه، مسيئهم ومحسنهم، وأن من لا يرجو لقاءه مضطر إليه حالة مس التفسير له، فكل يلجأ إليه حينئذٍ، ويفرده بأنه القادر على كشف الضر، ذكره في "البحر".
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا...﴾ الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (١) ابن جرير، من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: لما بعث الله محمدًا، - ﷺ -، رسولًا، أنكرت العرب ذلك، أو من أنكر ذلك منهم، فقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرًا، أما وجد الله من يرسله إلا يتيم أبي طالب، فأنزل الله تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ...﴾ الآية.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿الر﴾ هذه (٢) الحروف تقرأ ساكنة غير معربة هكذا: ألف لام را والأخير منها غير مهموز.

(١) لباب النقول والخازن.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon