معانيه، والعرب تضع فعيلًا بمعنى، مفعل، أو بمعنى: المحكم بالحلال والحرام والحدود والأحكام، قاله أبو عبيدة وغيره، وقيل: الحكيم معناه الحاكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، كقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ فهو فعيل، بمعنى: فاعل. وقيل الحكيم، يعني: المحكوم فيه، فهو فعيل، بمعنى: مفعول؛ أي: حكم الله فيه بالعدل والإحسان، قاله: الحسن وغيره. وقيل: الحكيم، ذو الحكمة لاشتماله عليها وتعلقه بها.
٢ - والاستفهام في قوله: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا﴾ لإنكار العجب مع ما يفيده من التقريع والتوبيخ؛ أي: لا ينبغي ولا يليق لهم أن يتعجبوا من إرسال هذا الرسول لهم، فهذا رد عليهم في قولهم: العجب أن الله لم يجد رسولًا يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي طالب، وهم من فرط حماقتهم، وقصر نظرهم على الأمور العاجلة، وجهلهم بحقيقة الوحي، مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يقصر عن عظمائهم فيما يعتبرونه إلا في المال مع أن خفة المال أليق بحاله، - ﷺ -، وما هو بصدده، ولذلك كان أكثر الأنبياء عليهم السلام قبله كذلك، اهـ "بيضاوي". والعجب: حالةٌ تعتري الإنسان من رؤية شيءٍ على خلاف العادة، وقيل: العجب حالة تعتري الإنسان عند الجهل بسبب الشيء، اهـ "خازن". وقيل: هو استعظام أمر خفي اهـ.
واسم كان ﴿أَنْ أَوْحَيْنَا﴾؛ أي إيحاؤنا ﴿إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ﴾ محمَّد، - ﷺ -، وخبره ﴿عَجَبًا﴾؛ أي: هل كان عجبًا لأهل مكة إيحاؤنا، وإرسالنا إلى رجل من جنسهم ونسبهم بـ ﴿أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ﴾؛ أي: بأن خوف الكافرين من عذاب الله؛ أي: لا ينبغي لهم العجب من ذلك؛ لأنه ليس في إيحائنا إلى رجل من جنسهم ما يقتضى العجب، فإنه لا يلابس الجنس ويرشده، ويخبره عن الله سبحانه إلا من كان من جنسه، ولو كان من غير جنسهم لكان من الملائكة أو من الجن، ويتعذر المقصود من الإِرسال حينئذٍ؛ لأنهم لا يأنسون إليه ولا يشاهدونه، ولو فرضنا تشكله لهم وظهوره، فإما أن يظهر في غير شكل النوع الإِنساني، وذلك أوحش لقلوبهم وأبعد من أنسهم، أو في الشكل الإِنساني، فلا بد من إنكارهم