ثواب صدق. وقال مجاهد: الأعمال الصالحة، صلاتهم وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم. وقال الحسن: عمل صالح أسلفوه يقدمون عليه. وفي رواية أخرى عن ابن عباس، أنه قال: سبقت لهم السعادة في الذكر الأول، يعني: في اللوح المحفوظ.
وقال زيد بن أسلم: هو شفاعة محمَّد، - ﷺ -، وهو قول قتادة. وقيل: لهم منزلة رفيعة عند ربهم، وأضيف القدم إلى الصدق وهو نعته كقولهم: مسجد الجامع، وصلاة الأولى، وحب الحصيد. والفائدة في هذه الإضافة: التنبيه على زيادة الفضل ومدح القدم؛ لأن كل شيء أضيف إلى الصدق فهو ممدوح، ومثله في مقعد صدق ومدخل صدق.
وقال أبو عبيدة: كل سابق في خير أو شر، فهو عند العرب قدم، يقال: لفلان قدم في الإِسلام وقدم في الخير، ولفلان عندي قدم صدق وقدم سوء. وقال الليث وأبو الهيثم: القدم: السابقة، والمعنى: أنه قد سبق لهم عند الله خير، والسبب في إطلاق لفظ القدم على هذه المعاني أن السعي والسبق لا يحصل إلا بالقدم، فسمى المسبب باسم السبب، كما سميت النعمة يدًا؛ لأنها تعطى باليد اهـ.
وجملة قوله: ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ﴾ مستأنفة (١) استئنافًا بيانيًّا، كأنه قيل: ماذا صنعوا بعد التعجب. وقال القفال: قبله إضمار، تقديره: فلما أتاهم (٢) بوحي الله وتلاه عليهم، قال الكافرون المتعجبون من إيحاء الله تعالى إليه، المنكرون لتوحيد الله ورسالة رسوله: ﴿إِنَّ هَذَا﴾ القرآن الذي جاء به محمَّد، - ﷺ -، ﴿لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾؛ أي: ظاهر واضح، يبين لكم أنه مبطل فيما يدعيه. وجعلوه سحرًا؛ لأنه خارق للعادة في تأثيره في القلوب، وجذبه النفوس إلى الإِيمان به، واحتقار الحياة، ولذاتها في سبيل الله.
(٢) المراغي.