﴿وَقَدَّرَهُ﴾؛ أي: وقدر سير القمر في فلكه وجعله ﴿مَنَازِلَ﴾؛ أي: في منازل وأماكن ينزل فيها كل ليلة في واحد منها، لا يجاوزها ولا يقصر دونها، يرى القمر فيها بالأبصار، وليلة أو ليلتان يحتجب فيهما فلا يرى. ومنازل القمر هي: المسافة التي يقطعها في يوم وليلة، بحركته الخاصة به. وأسماء تلك المنازل هي، السرطان والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرفة والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك والغفر والزبانان والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة والسعد الذابح وسعد البلع وسعد السعود وسعد الأخبية وفرغ الدلو المقدم وفرغ الدلو المؤخر، وبطن الحوت ويكون مقام الشمس في كل منزلة منها ثلاثة عشر يومًا. وهذه المنازل منقسمة على اثني عشر برجًا وهي، الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت، لكل برج منها منزلتان وثلث. فيكون إقامة القمر في كل برج ستة وخمسين ساعة وانتقالات الشمس في هذه الأبراج مرتبة على الشهور القبطية، لكن الشهر نصفه الأول من آخر برج، ونصفه الآخر من أول برج آخر، فيكون نصفه الأول من نصف السنبلة الأخير، ونصفه الأخير من نصف الميزان الأول وهكذا، وخص (١) القمر بالذكر، وإن كانت الشمس لها منازل أيضًا؛ لأن سير القمر في المنازل أسرع، وبه يعرف انقضاء الشهور والسنين؛ لأن المعتبر في مثل الصيام والحج السنة القمرية، لا الشمسية. وفي "الخازن" قوله ﴿وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ﴾ قيل: الضمير (٢) في قدره يرجع إلى الشمس والقمر، والمعنى: وقدر لهما منازل، أو وقدر لسيرهما منازل لا يجاوزانها في السير، ولا يقصران عنها وإنما وحد الضمير في وقدره للإيجاز، فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر، فهو كقوله تعالى؛ ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾ وقيل: الضمير في ﴿وَقَدَّرَهُ﴾ يرجع للقمر فقط؛ لأن سير القمر في المنازل أسرع، وبه يعرف انقضاء الشهور والسنين، وذلك؛ لأن الشهور المعتبرة في الشرع مبنية على رؤية الأهلة، والسنة المعتبرة في الشرع هي السنة القمرية لا الشمسية اهـ.
(٢) الخازن.