وانسياق النفس إليها كما ذكره "أبو السعود"؛ أي: إن الذين آمنوا بما يجب الإيمان به، ولم يغفلوا عن الآيات التي غفل عنها الغافلون، ورجوا لقاء ربهم، وخافوا حسابه وعقابه يهديهم ربهم بسبب إيمانهم إلى صراطه المستقيم في كل ما يعملون، وينتهي بهم ذلك إلى دخول الجنة التي أعدها لعباده المخبتين، وفي هذا إيماء إلى أن الإيمان والعمل الصالح هما سبب الهداية والفوز برفيع الدرجات والوصول إلى أقصى الغايات.
وقوله: ﴿تجري﴾ وتسيل ﴿مِنْ تَحْتِهِمُ﴾؛ أي: من تحت قصورهم وأشجارهم ﴿الْأَنْهَار﴾ الأربعة الماء واللبن والخمر والعسل، جملة مستأنفة أو خبر ثانٍ؛ لأن، أو: حال من مفعول يهديهم. وقوله: ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ خبر آخر، أو حال أخرى من الأنهار أو متعلق بتجري؛ أي: إنهم يكونون جالسين على سرر مرفوعة في البساتين والأنهار التي تجري من بين أيديهم.
١٠ - ﴿دَعْوَاهُمْ﴾؛ أي: دعاؤهم ونداؤهم ﴿فِيهَا﴾؛ أي: في الجنة ﴿سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ﴾؛ أي: نسبحك يا الله تسبيحًا، ونقدسك تقديسًا من كل النقائص ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ﴾؛ أي: تحية بعضهم لبعض ﴿فِيهَا﴾؛ أي: في الجنة؛ أي: أو تحية الله، أو الملائكة لهم فيها ﴿سَلَامٌ﴾؛ أي: قول سلام عليكم، الدال على السلامة من كل مكروه، وهي تحية المؤمنين في الدنيا ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ﴾؛ أي: وخاتمة دعائهم وثنائهم الذي هو التسبيح ﴿أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾؛ أي: أن يقولوا الحمد لله رب العالمين؛ أي: خاتمة تسبيحهم في كل مجلس، أن يقولوا: الحمد لله رب العالمين لا أن معناه: انقطاعه؛ أي: الحمد، فإن أقوال أهل الجنة وأحوالها لا آخر لها، اهـ "كرخي".
أي (١): أن أهل الجنة لما عاينوا ما هم فيه من السلامة عن الآفات، والمخافات، علموا أن كل هذه الأحوال السنية إنما كانت بإحسان الله تعالى عليهم، فاشتغلوا بالثناء على الله تعالى، فقالوا الحمد لله رب العالمين وإنما وقع

(١) المراح.


الصفحة التالية
Icon