وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً} وقوله: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
١١ - قوله تعالى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ﴾؛ أي: ولو يعجل الله سبحانه وتعالى للناس إجابة الدعاء في طلب الشر، وفيما عليهم فيه مضرة في نفس، أو مال، أو ولد عند الغضب، أو الضمير من البلاء ﴿اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ﴾؛ أي: تعجيلًا مثل استعجالهم إجابة الدعاء في طلب الخير، الذي يدعونه من الله، أو حصول الخير الذي يرجونه بعلاج الأسباب، التي يظنون أنها قد تأتي به قبل أوانه ﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾؛ أي: لحكم عليهم حلول أجلهم قبل أوانه، ووقته الطبيعي وفرغ من هلاكهم وماتوا جميعًا كما هلك الذين كذّبوا الرسل من قبلهم، واستعجلوهم بالعذاب، ولكن الله أرحم بهم من أنفسهم. وقد بعث محمدًا، - ﷺ -، بالهداية الدائمة، وقضى بأن يؤمن به قومه العرب، ويحملوا دينهم إلى العجم، وأنه يعاقب المعاندين من قومه في الدنيا، بما فيه تأديب لهم، كما بين ذلك بقوله: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ ويؤخر عذاب سائر الكافرين إلى يوم القيامة، ولم يقض بإهلاكهم واستئصالهم بل يذرهم إلى نهاية آجالهم كما قال: ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ الخ.
وقال ابن قتيبة (١): إن الناس عند الغضب والضجر، قد يدعون على أنفهسم وأهلهم وأولادهم، بالموت وتعجيل البلاء، كما يدعون بالرزق والرحمة وإعطاء السؤال، يقول: لو أجابهم الله إذا دعوه بالشر الذي يستعجلون به استعجالهم بالخير.. لقضى إليهم أجلهم، يعني: لفرغ من هلاكهم، ولكن الله عَزَّ وَجَلَّ بفضله وكرمه يستجيب للداعي بالخير، ولا يستجيب له في الشر.
وقرأ ابن عامر (٢): ﴿لقضى﴾ مبنيًّا للفاعل ﴿أجلهم﴾ بالنصب. وقرأ الأعمش ﴿لقضينا﴾ وباقي السبعة مبنيًّا للمفعول ﴿وأجلهم﴾ بالرفع. وقوله:

(١) الخازن.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon