للناس الشر تعجيله لهم بالخير، فوضع استعجالهم بالخير موضع تعجيله بالخير، إشعارًا بسرعة إجابته لهم، وإسعافه بطلبتهم، فإن استعجالهم بالخير تعجيل لهم. قال الشيخ (١): عجل مدلوله: غير مدلول استعجل؛ لأن عجل يدل على الوقوع، واستعجل يدل على طلب التعجيل، وذاك واقع من الله تعالى، وهذا مضاف إليهم، فلا يكون التقدير على ما قاله الزمخشري.
﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُم﴾ وقضاء الأجل: انتهاؤه، والأجل: المدة التي أجلها الله لعباده في دار الفناء. ﴿ونذر﴾: نترك، والطغيان: مجاوزة الحد في الشر من كفر وظلم وعدوان، والعمه: التردد والتحير في الأمر أو الشر ﴿مَرَّ﴾؛ أي: مضى في طريقته التي كان عليها من الكفر بربه.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا وضروبًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا﴾.
ومنها: الطباق بين ﴿أَنْذِر﴾ و ﴿وَبَشِّرِ﴾.
ومنها: المبالغة في المدح في قوله: ﴿قَدَمَ صِدْقٍ﴾ لأن الإضافة فيه من إضافة الموصوف إلى الصفة، كمسجد الجامع، ففائدة هذه الإضافة عندهم التنبيه على زيادة الفضل، ومدح القدم؛ لأن كل شيء أضيف إلى الصدق، فهو ممدوح، وفيه أيضًا المجاز المرسل؛ حيث أطلق القدم الذي هو سبب في السبق، وأراد به السابقة في الخير، والعلاقة السببية.
ومنها: إطلاق المضارع، بمعنى: الماضي في قوله: ﴿إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ﴾ استحضارًا للصورة الغريبة، وفيه أيضًا إطلاق المصدر بمعنى: اسم المفعول؛ لأن الخلق هنا، بمعنى: المخلوق.