في هذا الطلب إذ لو نزل بهم الضرّ جاؤوا وتضرعوا إلى الله في كشفه وإزالته.. بين هنا ما يجري مجرى التهديد، وهو أنه تعالى، قد ينزّل بهم عذاب الاستئصال، كما حدث للأمم قبلهم، حتى يكون ذلك رادعًا لهم وزاجرًا عن هذا الطلب.
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها؛ أن الله سبحانه وتعالى لما بدأ السورة بذكر الكتاب الحكيم، وإنكار المشركين الوحي على رجل منهم، ثم أقام الحجة على الوحي والتوحيد والبعث، بخلق العالم علويه وسفليه وبطبيعة الإنسان وتاريخه وغرائزه.. أعاد هنا الكلام في شأن الكتاب نفسه، وتفنيد ما اقترحه المشركون على الرسول، - ﷺ -، بشأنه وحجته البالغة عليهم، في كونه وحيًا من عند الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ....﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها؛ أن الله سبحانه وتعالى، لما بين في الآيات السالفة أنهم طلبوا منه أحد أمرين، إما الإتيان بقرآن غير هذا، أو تبديله؛ لأن فيه نبذًا لآلهتهم، وطعنًا فيها وتسفيهًا لآرائهم في عبادتها.. نعى عليهم هنا عبادة الأصنام، وبين لهم حقارة شأنها، إذ لا تستطيع نفعًا ولا ضرًّا، فكيف يليق بالعاقل أن يعبدها من دون الله تعالى؟ ويجعل لها الشفاعة عنده تعالى، وليس لديهم برهان على ما يدَّعون، سبحانه وتعالى عما يشركون.
قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أقام الأدلة على فساد عبادة الأصنام، وبين سبب هذه العبادة.. ذكر هنا بيان ما كان عليه الناس من الوحدة في الدين، وما صاروا إليه من الاختلاف والفرقة فيه.
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ...﴾ الآية، مناسبة (١)

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon