أي: نور الملائكة، أو نور آيات الله، حتى رأى الملك بعينه، وشافهه بالوحي من الله عَزَّ وَجَلَّ. وقوله: ليس بالأمهق، المراد به: الشديد البياض، كلون الجص، وهو كريه المنظر، وربما توهم الناظر أنه برص، والمراد أنه كان أزهر اللون، بين البياض والحمرة.
١٧ - والاستفهام في قوله: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ﴾ للإنكار (١)؛ أي: لا أحد أظلم ﴿مِمَّنِ افْتَرَى﴾ واختلق ﴿عَلَى اللَّهِ﴾ سبحانه وتعالى ﴿كَذِبًا﴾ فزعم أن لله شريكًا وولدًا.
والمعنى (٢): أني لم أفتر على الله كذبًا، ولم أكذب عليه في قولي: إن هذا القرآن من عند الله تعالى، وأنتم قد افتريتم على الله الكذب، فزعمتم أن له شريكًا وولدًا، والله تعالى منزه عن الشريك والولد. وقيل معناه: إن هذا القرآن، لو لم يكن من عند الله، لما كان أحدًا في الدنيا أظلم على نفسه مني، من حيث إني افتريته على الله، ولما كان هذا القرآن من عند الله، أوحاه إليّ، وجب أن يقال: ليس أحد في الدنيا أجهل، ولا أظلم على نفسه منكم، من حيث إنكم أنكرتم أن يكون هذا القرآن من عند الله، فقد كذبتم بآياته وهو قوله: ﴿أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾ تعالى القرآنية أو الكونية؛ أي: جحد يكون القرآن من عند الله تعالى، وأنكر دلائل توحيده. ففيه (٣) بيان أن الكاذب على الله، والمكذب بآياته في الكفر سواء.
وإنما زاد كذبًا في قوله (٤): ﴿افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ مع أن الافتراء لا يكون إلا كذبًا لبيان أن هذا مع كونه افتراء على الله هو كذب في نفسه، فربما يكون الافتراء كذبًا في الإسناد فقط، كما إذا أسند ذنب زيد إلى عمرو، ذكر معنى هذا أبو السعود في تفسيره. وقوله: ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ﴾ تعليل لكونه لا أظلم ممن افترى على الله كذبًا، أو كذب بآياته؛ أي: إن الشأن والحال لا ينجو المشركون من عذاب الله، ولا يظفرون الخير في الدنيا والآخرة، لافترائهم الكذب على الله بنسبة الشريك، ولتكذيبهم بآيات الله تعالى،
١٨ - ثم نعى الله سبحانه
(٢) الخازن.
(٣) النسفي.
(٤) الشوكاني.