﴿الآن﴾ بهمزتين الأولى: همزة الاستفهام، والثانية: همزة أل المعرفة، وإذا اجتمع هاتان الهمزتان.. وجب في الثانية أحد أمرين: تسهيلها من غير ألف بينها وبين الأولى، وإبدالها مدًّا بقدر ثلاث ألفات على حد قول ابن مالك:

وَايْمُنُ هَمْزِ أَلْ كَذَا ويُبْدَلُ مَدًّا فِي الاسْتِفْهَامِ أَوْ يُسَهَّلُ
وقد وقع في القرآن من هذا القبيل ستة مواضع، اثنان في الأنعام وهما ﴿آلذَّكَرَيْنِ﴾ مرتين، وثلاثة في هذه السورة، لفظ ﴿ألْآنَ﴾ هنا، وفيما سيأتي، ولفظ ﴿أللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ﴾ وواحد في النمل ﴿أللَّهُ خَيْرٌ﴾، فلا يجوز في هذه المواضع الستة تحقيق الهمزتين، بل يجب أحد الأمرين اللذين قد عرفتهما، اهـ شيخنا.
﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ﴾ وأصل يستنبئونك (١): أن يتعدى إلى واحد بنفسه، وإلى الآخر بحرف الجر، تقول: استنبأت زيدًا عن عمرو، أي: طلبت منه أن يخبرني عن عمرو، فاستفعل هنا للطلب، والمفعول الأول كاف الخطاب، والمفعول الثاني، الجملة من قوله: ﴿أَحَقٌّ هُوَ﴾ على سبيل التعليق، كما مر في مبحث الإعراب. ﴿قُلْ إِي وَرَبِّي﴾ و ﴿إي﴾ من حروف الجواب بمعنى: نعم، لكن لا يجاب بها إلا مع القسم خاصة، ذكره: أبو السعود.
﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ﴾ وإسرار الحديث؛ خفض الصوت به، وإسرار الشيء: إخفاؤه وكتمانه. وفي "السمين": ﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ﴾ قيل: أسر من الأضداد، يستعمل بمعنى أظهر، ويستعمل بمعنى: أخفى، وهو المشهور في اللغة كقوله: ﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ وهو في الآية يحتمل الوجهين، وقيل: إنه ماض على بابه قد وقع، وقيل: بل هو بمعنى: المستقبل اهـ.
والندم والندامة (٢): ما يجده الإنسان في نفسه من الألم والحسرة، عقب كل فعل يظهر له ضرره، وقد يجهر به بالكلام، كما قال تعالى: ﴿يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ﴾ أو يخفيه ويكتمه حين لا يجد فائدةً من إعلانه، أو اتقاءً للشماتة أو
(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon