نَحْنُ بَنُوْ عَدْنَانَ لَيْسَ شَكُّ تَبَوَّأ الْمَجْدُ بِنَا وَالْمُلْكُ
﴿قِبْلَةً﴾ والقبلة ما يقابل الإنسان ويكون تلقاء وجهه، ومنه قبلة الصلاة؛ لأن المصلي يقابلها، وهي تقابله.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة، وضروبًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإسناد المجازي في قوله: ﴿إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي﴾؛ لأن حق الإسناد أن يكون للذات نظير ثقل عليّ ظله، كما في "الصاوي".
ومنها: تقديم المعمول على عامله لإفادة الحصر في قوله: ﴿فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ﴾.
ومنها: الاعتراض بين الشرط وجوابه بقوله: ﴿فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ﴾ إن قلنا الجواب جملة ﴿فأجمعوا﴾ كما قاله الأكثرون.
ومنها: الاستعارة المكنية في قوله: ﴿ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ﴾ إذا كان من قضى دينه إذا أداه، فالهلاك مشبه بالدين على طريقة الاستعارة المكنية والقضاء تخييل، أو فيه تضمين واستعارة مكنية إذا كان من قضى، بمعنى حكم، والتقدير: احكموا بما تؤدونه إليّ.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: ﴿وَلَا تُنْظِرُونِ﴾؛ لأن الإنظار حقيقة في إمهال دين المعسر، مجاز في تأخير الإهلاك.
ومنها: تأخير الإغراق عن ذكر الإنجاء والاستخلاف في قوله: ﴿فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ لإظهار كمال العناية بشأن المقدم، ولتعجيل المسرة للسامعين وللإيذان بسبق الرحمة، التي هي من مقتضيات الربوبية على الغضب، الذي هو من مستتبعات جرائم المجرمين، ذكره "أبو السعود".


الصفحة التالية
Icon