والسلطنةَ، فآل أمره إلى الصفاء بعد أنواع الجفاءِ، فمنْ حَافَظَ على تلاوة سورة يوسف، وتدبَّر في معانيها.. وَصَلَ إلى ما وصل يوسف إليه من أنواع السرور، كما قال عطاء رحمه الله تعالى: لا يسمع سورة يوسف محزونٌ إلَّا استراحَ، كما في "تفسير الكواشي": نسأل الله الراحةَ من جميع الحواشي. وقال خالد بن مَعْدان: سورةُ يوسفَ، وسورةُ مريم تَتَفكَّهُ بهما أَهْلُ الجنةِ في الجنة.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿الر﴾؛ أي: أنا الله أرَى، وأسمع سؤالَهُم إيَّاك يا محمدُ عن هذه القصة، ويقال: أَنَا الله أرى صنيعَ إخوة يوسف، ومعاملتهم معه، ويقال: أنا الله أرى ما يَرَى الخَلْقُ، وما لا يَرى الخَلْقُ، ويقال: ﴿الر﴾ تعديد للحروف على سبيل التحدي، فلا محل له من الإعراب، أو خبر مبدأ محذوف؛ أي: هذه السورة ﴿الر﴾؛ أي: مسماة بهذا الاسم. والقول بأنَّ هذه الحروف المقطعة في أوائل السور من المتشابهات القرآنية التي لا يعلم معانِيهَا إلا الله تعالى، هو الطريق الأَسْلَمُ. والقول الأعلم لما فيه من تفويض الأمر إلى أهله. ﴿تِلْكَ﴾؛ أي: هذه الآيات التي أنزلت إليك في هذه السورة المسمَّاة ﴿الر﴾ أشار إليها بإشارة البعيد تنزيلًا للبعد الرتبيّ، منزلةَ البعد الحِسِّيِّ، وهو مبتدأ خبره ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ﴾؛ أي: آياتٌ من القرآن الكريم ﴿الْمُبِينِ﴾؛ أي: المظهر للحق من الباطل، فهو منْ أَبَانَ المتعدي. وَفِي "الخازن" المبين: أي: البين حلاله وحرامُه، وحدودُه وأحكامُه. وقال الزجَّاجُ: المبين للحق من الباطل، والحلال من الحرام، فهو من أبان بمعنى أظهر. وفي "بحر العلوم": الكتاب المبين هو اللوحُ المحفوظ، وإبانَتهُ أنه قد كتب وبيِّنَ فيه كل ما هو كائن. والمعنى: أيْ آيات هذه السورة هي آيات الكتاب البين الظاهر بنفسه، والمظهر لما شاء الله تعالى من حقائق الدين، وأحكام التشريع، وخَفَايَا المُلْك، والملكوت، وأسرار النشأتين، والمرشد إلى مصالح الدنيا، وسبيل الوُصُولِ إلى سعادة الآخرة.
٢ - ﴿إِنَّا﴾ نحن ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾ بعظمتنا وجلالتنا؛ أي: إنَّا أنزلنا هذا الكتاب المتضمِّنَ قِصَّةَ يُوسُفَ وغَيرهَا على هذا النبي العربي الأمي حالةَ كونه ﴿قُرْآنًا﴾؛