وشؤون الاجتماع، وأصول العُمْرَانِ وأدَب السِّيَاسَةِ لتعقلوا معانِيه، وتَفْهَموا ما ترشد إليه من مطالب الروح، ومداركِ العقل وتزكيةِ النفس، وإصلاح حَالِ الجماعات والأفراد بما فيه سعادتهم في دنياهم وأخراهم.
٣ - ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ يا محمَّد؛ أي: نخبرك ونحدثك ﴿أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾؛ أي: أحسن ما يقص به، ويتحدث عنه من الأنباء والأحاديث موضوعًا، وفائدةً لما يتضمنه من العبر والحكم.
والمعنى: نحن نبين لك أخبارَ الأُممِ السالفة أحسنَ البيان. وقيل: المراد خصوص قصة يوسف. ﴿بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ﴾؛ أي: بسبب إيحائنا وإنزالنا إليك هذه السورةَ من القرآن الكريم؛ إذ هي الغاية في بلاغتها، وتأثيرها في النفس، وحسْنِ موضوعها، ﴿وَإِنْ﴾ أي والحال أن الشأن قد ﴿كُنْتَ﴾ يا محمَّد ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾؛ أي: من قبل إيحائنا هذا القرآن إليك ﴿لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾؛ أي: لمن زمرة الغافلين عن هذا القصص؛ أي: من قومك الأميينَ الذينَ لا يَخْطُرُ في بالهم التحديث بأخبار الأنبياء وأقوامهم، وبيان ما كانوا عليه من دين وشرع، كيعقوب وأولاده، وهم في بَداوتهِم، ولا ما كان فيه المصريون الذين جاءَ إليهم يوسف مِنْ حضارة وترف، ولا ما حدث له في بعض بيوتات الطبقة الراقية، ولا حاله في سياسة الملك، وإدارة شؤون الدَّوْلَةِ وحُسْنِ تنظيمها. وقيل (١): كانت هذه السورة أحسن القصص لانفرادها عن سائرها بما فيها منْ ذكر الأنبياء، والصالحين، والملائكة، والشياطين، والجن، والإنس، والأنعام، والطَّيْر، وسير الملوك، والممالك والتجار، والعلماء، والرجال، والنساء وكيدهن، ومكرهن، مع ما فيها من ذِكْر التوحيد، والفقه، والسِّير، والسياسة، وحسن المَلَكَة، والعفو عند المقدرة، وحسن المعاشرة، والحِيل، وتدبير المعاشِ والمعاد، وحسن العاقبة في العفة، والجهاد، والخلاص من المرهوب إلى المرغوب، وذكر الحبيب، والمحبوب، ومَرأى السنينَ وتعبيرِ الرؤيا والعجائبِ التي تصلح للدين والدنيا.