واختلف العلماء هل يمكن أن يقالَ في القرآن شيء غير عربي. قال أبو عبيدة: ومن قال فيه شيء غير عربي، فقد أعظم على الله القول، واحتجَّ بهذه الآية: ﴿إنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾. وروي عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة: أنَّ فيه عن غير العربي مثل: ﴿سِجِّيلٍ﴾ و ﴿المشكاة﴾ و ﴿اليم﴾ و ﴿استبرق﴾ ونحو ذلك، وهذا هو الصحيح المختار؛ لأن هؤلاء أعلمُ عن أبي عبيدة بلسان العرب، وكلا القولين صواب إن شاء الله تعالى. ووجه الجمع بينهما أنَّ هذه الألفاظ لما تكلمت بها العرب، ودارَتْ على ألسنتهم صارت عربيةً فصيحةً، وإن كانت غير عربيةٍ في الأصل، لكنهم لما تكلموا بها نسبت إليهم، وصارت لهم لغةً فظَهَر بهذا البيان صحة القولين، وأمكن الجمع بينهما، اهـ "خازن".
﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ قص من باب: ردَّ والمصدر قَصَصًا بالفك، وقصًّا بالإدغام. وفي "المصباح": قَصَصْتُ الخَبَرَ قَصًّا من باب قتل، حدثته على وجهه، والاسم القصص بفتحتين، وقصصت الأثر: تتبعته، اهـ. وفي "البيضاوي": القصص هنا بمعنى المفعول كالنقض والسلب بمعنى المنقوض والمسلوب، اهـ.
﴿أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ وأحسن يجوز أن يكون أفعلَ تفضيل على بابه، وأن يكونَ لمجرد الوصف بالحسن، ويكونَ من باب إضافة الصفة لموصوفها؛ أي: القصص الحسن. وفي "الخازن": أصل القصص في اللغة من قصَّ الخبر، إذا تتبعه، وإنما سميت الحكاية قِصَّةً لأن الذي يَقُصُّ الحديثَ يذكر تلك القصة شيئًا فشيئًا. والمعنى: نحن نبين لك أخبار الأمم السالفة أحسنَ البيان. وقيل: المرادُ خُصوص قصة يوسف، وإنما كانت أحسنَ القصص لما فيها من الحكم، والنكت، وسير الملوك، والمماليك، والعلماء، ومَكْرِ النساء، والصبر على الأذى، والتجاوز عنه أحسنَ التجاوز وغير ذلك من الفوائد الشريفة.
﴿يَا أَبَتِ﴾ بكسر تاء التأنيث اللفظي التي هي عوض عن ياء المتكلم المحذوفة. وأصله: يا أبي فحذفت الياءُ، وأتي بالتاء عوضًا عنها، ونقلت كسرة ما قبل الياء، وهو الباء للتاء، ثم فتحت الباءُ على القاعدة في فتح ما قبل تاء التأنيث، وبفتح التاء، والأصل عليه: يا أبيَ، بكسر الباء؛ وفتح الياء؛ ففتحت