قال: ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾، وقال: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾ " أخرجه الترمذي، وقال: حديث غريب. قوله: "وقعت فروة رأسه"؛ أي: جلدة رأسه، وإنما شبهها بالفروة للشعر الذي عليها.
﴿وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾؛ أي: وتأتيه (١) أسباب الموت من كل جهة من الجهات، أو من كل موضع من مواضع بدنه حتى من أصول شعره، وإبهام رجله. وقال الأخفش: المراد بالموت هنا البلايا التي تصيب الكافر في النار، سماها موتًا لشدتها. ﴿وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾؛ أي: والحال أنه ليس بميت حقيقة فيستريح. وقيل: تعلق نفسه في حنجرته، فلا تخرج من فيه فيموت، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فيحيا، ومثله قوله تعالى: ﴿لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾.
والمعنى: أي وتحيط (٢) به أسبابه من الشدائد وأنواع العذاب من كل جهة من الجهات، من قدامه ومن خلفه، ومن فوقه ومن تحته، وعن يمينه وعن شماله في نار جهنم ليس منها نوع إلا يأتيه الموت منه لو كان يموت لكنه لا يموت كما قال تعالى: ﴿لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾.
ثم أكد شدائدها وعظيم أهوالها فقال: ﴿وَمِنْ وَرَائِهِ﴾؛ أي: ومن وراء ذلك الصديد؛ أي: من أمامه أو من بعده ﴿عذَابٌ غَلِيظٌ﴾؛ أي: عذاب شديد؛ أي: وله من بعد هذه الحال عذاب آخر غليظ؛ أي: مؤلم أغلظ من الذي قبله، وأمر لا يعرف كنهه؛ أي: يستقبل كل وقت عذابًا أشد وأشق مما كان قبله، كما قال تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤)﴾ ففي قوله: ﴿عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ رفع ما يتوهم من الخفة بحسب الاعتياد، كما في عذاب الدنيا. وقيل: الضمير يعود إلى ﴿كُلُّ جَبَّارٍ﴾.
والمعنى (٣): أي ومن بعد ذلك العذاب عذاب شديد أشد مما هو عليه لا
(٢) المراغي.
(٣) المراح.