ينقطع ولا يخف بسبب الاعتياد، كما في عذاب الدنيا.
١٨ - ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾؛ أي: صفتهم وحالهم العجيبة الشأن التي هي كالمثل في الغرابة، وهو مبتدأ خبره قوله تعالى: ﴿أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ﴾ كقولك صفة زيد ماله منهوب، أو خبره محذوف؛ أي: فيما يتلى عليكم مثلهم. وقوله: ﴿أَعْمَالُهُمْ﴾ جملة مستأنفة مبنية على سؤال من يقول: كيف مثلهم؟ فقيل: أعمالهم كرماد؛ أي: صفة أعمالهم الصالحة كصدقة وصلة رحم وإعتاق رقاب وفداء أسير وقرى ضيف وبر والد وإغاثة ملهوف ﴿كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ﴾؛ أي: ذرت ﴿بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ ريحه؛ أي: شديد الريح، فحذف الريح ووصف اليوم بالعصوف مجازًا، كقولك: يوم ماطر وليلة ساكنة، وإنما السكون لريحها. وقرأ نافع وأبو جعفر: ﴿الرياح﴾ بالجمع، والجمهور بالإفراد. وقرأ ابن أبي إسحاق وإبراهيم بن أبي بكر عن الحسن شذوذًا: ﴿في يومِ عاصفٍ﴾ على إضافة يوم لعاصف، وهو على حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، تقديره: في يوم ريح عاصف ذكره في "البحر".
والمعنى (١): أي ما مثل أعمال الكافرين التي كانوا يعملونها في الدنيا ويزعمون أنها تنفعهم يوم الجزاء إلا كمثل رماد حملته الريح وأسرعت الذهاب به في يوم عاصف، فنسفته ولم تبق له أثرًا، فهم يوم القيامة لا يجدون شيئًا ينفعهم عند الله تعالى فينجيهم من عذابه؛ إذ لم يكونوا يعملونها لله خالصة، بل كانوا يشركون فيها الأصنام والأوثان.
ثم أكد نفي فائدتها لهم إذ ذاك، فقال: ﴿لَا يَقْدِرُونَ﴾ يوم القيامة ﴿مِمَّا كَسَبُوا﴾ وعملوا في الدنيا من أعمال الخير ﴿عَلَى شَيْءٍ﴾ ما؛ أي (٢): لا يجدون يوم القيامة أثرًا مما عملوا في الدنيا من ثواب، أو تخفيف عذاب، كما لا يوجد من الرماد شيء إذا ذرته الريح، وذلك لفقد شرط الأعمال وهو الإيمان. ونحو الآية: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾، وقال: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي
(٢) المراح.