قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما بيَّن سبحانه وتعالى فيما سلف أنه أنزل النبات وجعل لنا فيه معايش في هذه الحياة.. أتبعه هنا بذكر ما هو كالسبب في ذلك، وهو أنه تعالى مالك كل شيء وأن كل شيء سهلٌ عليه، يسيرٌ لديه، فإن عنده خزائن الأشياء من النبات والمعادن النفيسة والمخلوقات البديعة مما لا حصر له.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما رواه الترمذي والنسائي والحاكم وغيرهم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كانت امرأة تصلي خلف رسول الله - ﷺ -، حسناء من أحسن الناس، فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها، ويتأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر، فإذا ركع نظر من تحت إبطيه، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤)﴾.
وأخرج ابن مردويه عن داود بن صالح أنه سأل سهل بن حنيفة الأنصاري عن قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ أأنزلت في سبيل الله؛ قال: لا، ولكنَّها في صفوف الصلاة.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿الر﴾ تقدم القول في بيان معاني هذه الحروف ومبانيها، فذكرنا أنها حروف تنبيه بمنزلة ألا ويا، وينطق بأسمائها ساكنة، فيقال: ﴿ألف لام را﴾، وقيل (٢): اسم للسورة، وعليه الجمهور؛ أي: هذه السورة مسماة بـ ﴿الر﴾، ﴿تِلْكَ﴾؛ أي: هذه السورة العظيمة الشأن ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ﴾؛ أي: آيات من الكتاب المنزل عليك، الكامل الحقيق باختصاص اسم الكتاب به على الإطلاق، على ما يدل عليه اللام؛ أي: بعض من جميع المنزل عليك، أو من جميع المنزل إذ
(٢) روح البيان.