عرفت وسمه فيه؛ أي: أثره وعلامته، وتوسم الشيء تحيره وتفرسه، وفي "السَّمين" قوله: ﴿لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ من التوسم تفعل من الوسم، والوسم أصله التثبت والتفكر، مأخوذ من الوسم وهو التأثير بحديدة في جلد البقر أو غيره، وقال ثعلب: الواسم الناظر إليك من فرقك إلى قدمك، وفيه معنى التثبت، وقيل: أصله استقصار التعرف، تقول توسمت؛ أي: تعرفت مستقصيًا وجوه التعرف، وقيل هو تفعل من الوسم وهو العلامة، ويقال توسمت في فلان خيرا إذا ظهرت لي منه علاماته، قال عبد الله بن رواحة يمدح النبي - ﷺ -:

إِنِّي تَوَسَّمْتُ فِيْكَ الخَيْرَ أَعْرِفُهُ وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي ثَابِتُ الْبَصَرِ
﴿لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾؛ أي: لبطريق واضح معلم ليس بخفيّ ولا زائل الآثار، يسلكه الناس ويرون آثار القرى فيه "بيضاوي"، ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ﴾ والأيكة الغيضة، وهي الشجر الملتف بعضه على بعض، وقد كانت في مكان كثير الأشجار كثير الغبار، وكان عامة شجرهم المقل؛ أي: الدوم، وفي "المختار": الأيك الشجر الكثير الملتف، الواحدة أيكة مثل تمر وتمرة، فمن قرأ: ﴿أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ﴾ فهي الغيضة، ومن قرأ: ﴿أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ﴾ فهي اسم القرية، وقيل هما مثل مكة وبكَّة، ﴿لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾؛ أي: لبطريق واضح، وأصل الإِمام ما يؤتم سمي به الطريق لأنه يؤتم ويتبع؛ أي: لأن المسافر يأتم به حتى يصل إلى الموضع الذي يريده اهـ "خازن"، و ﴿أَصْحَابُ الْحِجْرِ﴾ هم ثمود، والحجر واد بين المدينة والشام كانوا يسكنونه، وآثاره باقية يمر عليها ركب الشام في ذهابه إلى الحجاز، ويسمى كل مكان أحيط بالحجارة حجرًا، ومنه حجر الكعبة المشرفة.
﴿وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا﴾ هي الناقة، وفيها آيات كثيرة: كعظم خلقها، وكثرة لبنها، وكثرة شربها كما مر، ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ﴾؛ أي: يخرقون فيها بيوتًا بالمعاويل، حتى تصير مساكن من غير بنيان يسكنونها زمن الشتاء، والنحت في كلام العرب البري والنجر، يقال تحته ينحته بالكسر نحتًا - من باب ضرب - إذا براه ونقبه، والجبال جمع جبل، قال في "القاموس": الجبل محركة كل وتد للأرض عظم وطال، فإن انفرد فأكمة، أو قنة ﴿بيُوُتًا﴾ جمع بيت، وهو اسم مبنى


الصفحة التالية
Icon