الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لمَّا ذكر (١) أنه منزه عن الشريك والولد، وأنه لا إله إلا هو، وأمر بتقواه وإخلاص العبادة له.. ذكر هنا أدلة التوحيد، واتصاف ذاته الكريمة بصفات الجلال والإكرام بأسلوب بديع، جمع فيه بين دلالة المصنوع على الصانع والنعمة على المنعم، ونبّه بذلك إلى أن كل واحد من هذا كاف في صرف المشركين عمّا هم عليه من الشرك.
وكلما بصَّرهم طائفة مما يرون ويشاهدون.. بكتهم على ما يقولون ويفعلون، وبيَّن لهم كفرانهم نعمتي الرعاية والهداية، فاحتج على وجوده بخلق الأجرام الفلكية، ثم ثنى بذكر أحوال الإنسان، ثم ثلث بذكر أحوال الحيوان، ثم ربع بذكر أحوال النبات، ثم اختتم القول بذكر أحوال العناصر الأربعة.
قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (٢): أنه تعالى لما امتن بإيجادهم بعد العدم وإيجاد ما ينتفعون به من الأنعام وغيرها من الركوب. ذكر ما امتن به عليهم من إنزال الماء الذي هو قوام حياتهم وحياة الحيوان، وما يتولد عنه من أقواتهم وأقواتها من الزرع، وما عطف عليه فذكر منها الأغلب، ثم عمم بقوله: ﴿وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ ثم أتبع ذلك بخلق الليل الذي هو سكن لهم، والنهار الذي هو معاشٌ، ثم بالنيرين الذين جعلهما الله تعالى مؤثرين بإرادته في إصلاح ما يحتاجون إليه، ثم بما ذرأ في الأرض.
قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لمَّا ذكر الاستدلال بما ذرأ في الأرض.. ذكر ما امتن به من تسخير البحر، ومعنى تسخيره كونه يتمكن الناس من الانتفاع به، للركوب في المصالح، وللغوص في استخراج ما فيه، وللاصطياد لما فيه.
قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧)...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الدلائل (٣) على

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon