أصحاب رسول الله - ﷺ -، حتى نزلت ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ فسكتوا، وأخرج عبد الله بن الإِمام أحمد في "زوائد الزهد"، وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي بكر ابن أبي حفص قال: لما نزلت ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾.. قاموا، فنزلت ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾؛ أي (١): دنا واقترب ما وعدتم به أيها الكفرة؛ أي: أتى العذاب الموعود لكم أيها الكفرة ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾، أي: أمر الله ووقوعه، إذ لا خير لكم فيه، ولا خلاص لكم منه، واستعجالهم وإن كان بطريق الاستهزاء، لكنه حمل على الحقيقة، ونهوا عنه بضرب من التهكم.
الاستعجال طلب الشيء قبل حينه، وقيل أمر الله يوم القيامة، وعبَّر بالماضي عن المضارع لقرب وقوعه وتحققه، والحاصل (٢) أن النبي - ﷺ - لما أكثر من تهديدهم بعذاب الدنيا وعذاب الآخرة، ولم يروا شيئًا.. نسبوه إلى الكذب، فأجاب الله تعالى عن هذه الشبهة بقوله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾؛ أي: قد حصل حكم الله بنزول العذاب من الأزل إلى الأبد، وإنما لم يحصل المحكوم به؛ لأنه تعالى خصص حصوله بوقت معين. ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾؛ أي: فلا تطلبوا حصوله قبل حضور ذلك الوقت، ولما قالت الكفرة: إنا سلمنا لك يا محمد صحة ما تقوله، من أنه تعالى حكم بإنزال العذاب علينا، إما في الدنيا، وإما في الآخرة إلا أنَّا نعبد هذه الأصنام، فإنها شفعاؤنا عند الله، فهي تشفع لنا عنده، فنتخلص من هذا العذاب المحكوم به، بسبب شفاعة هذه الأصنام، فأجاب الله تعالى عن هذه الشبهة بقوله: ﴿سُبْحَانَهُ﴾؛ أي: تنزيهًا له وتقديسًا عن الصاحبة والولد ﴿وَتَعَالَى﴾؛ أي: تبرأ وترفع ﴿عمَّا يُشْرِكُونَ﴾؛ أي: عن إشراكهم به غيره، أو عما يشركون به تعالى من الأصنام والأوثان، فنزه الله تعالى نفسه عن شركة الشركاء، وأن يكون لأحد أن يشفع عنده إلا بإذنه، وقرأ حمزة والكسائي: ﴿أَتَى﴾ بالإمالة ذكره في "زاد المسير".
(٢) المراح.