وقرأ الجمهور: ﴿تَسْتَعْجِلُوهُ﴾: بالتاء على الخطاب، وهو خطاب للمؤمنين، أو خطاب للكفار على معنى قل لهم: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾، وقال تعالى: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا﴾، وقر ابن جبير: بالياء نهيًا للكفار، والظاهر عود الضمير في: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ على الأمر؛ لأنه هو المحدث عنه، وقيل يعود على الله؛ أي: فلا تستعجلوا الله بالعذاب، أو بإتيان يوم القيامة، كقوله: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ﴾، وقرأ حمزة والكسائي: ﴿تُشْرِكون﴾ بتاء الخطاب، وباقي السبعة والأعرج وأبو جعفر وابن وضاح وأبو رجاء والحسن: بالياء على الغيبة، وقرأ عيسى الأولى بالتاء من فوق، والثانية بالياء من تحت، وبالتاء من فوق معًا الأعمش وأبو العالية وطلحة وأبو عبد الرحمن وابن وثاب والجحدري.
وعبارة "المراغي" هنا: ﴿أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾؛ أي: قرب عذاب المشركين وهلاكهم، أما إتيانه بالفعل وتحققه فمنوط بحكم الله النافذ، وقضائه الغالب على كل شيء، فهو يأتي في الحين الذي قدره وقضاه، ونظم سبحانه المتوقع في صورة المحقق، إيذانًا بأنه واجب الوقوع، والشيء إذا كان بهذه المثابة يسوغ في عرف التخاطب أن يعد واقعًا، ومعنى قوله: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ لا تطلبوا حصوله قبل حضور الوقت المقدر في علمه تعالى.
وفي هذا (١): تهديد من الله لأهل الكفر به وبرسوله، وإعلامٌ منه لهم بقرب عذابهم وهلاكهم الذي لا بد منه، ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾؛ أي: تبرأ الله تعالى عن الشريك والشفيع الذي يدفع الضر عنكم، وفي هذا رد لمقالهم حين قالوا: لئن حكم الله علينا بإنزال العذاب في الدنيا أو في الآخرة.. لتشفعن لنا هذه الأصنام التي نعبدها من دونه.
وخلاصة هذا: أن تلك الجمادات الخسيسة التي جعلتموها شركاء لله وعبدتموها هي أحقر الموجودات، وأضعف المخلوقات، فكيف تجعلونها شريكةً لله في التدبير والشفاعة في الأرض والسموات.