ومصالحكم هو الإله الذي أنزل المطر من السماء عذبًا زلالًا تشربون منه، وتسقون أشجاركم ونباتكم التي تسيمون فيها أنعامكم وفيها ترعى.
١١ - ثم استأنف (١) إخبارًا عن منافع الماء، فقال جوابًا لمن قال: هل له منفعة غير ذلك؟ ﴿يُنْبِتُ﴾ الله سبحانه وتعالى ﴿لَكُمْ﴾ أيها العباد؛ أي: ينبت لمصالحكم ومنافعكم ﴿بِهِ﴾؛ أي: بما أنزل من السماء ﴿الزَّرْعَ﴾ الذي هو أصل الأغذية وعمود المعاشر، قال في "بحر العلوم": الزرع كل ما استنبت بالبذر مسمى بالمصدر وجمعه زروع.
قال كعب الأحبار: لما أهبط الله تعالى آدم عليه السلام.. جاء ميكائيل بشيء من حيث الحنطة وقال: هذا رزقك ورزق أولادك، قم فاضرب الأرض، وابذر البذر، قال: ولم يزل الحب من عهد آدم إلى زمن إدريس كبيضة النعام، فلما كفر الناس.. نقص إلى بيضة الدجاجة، ثم إلى بيضة الحمامة، ثم إلى قدر البندقة، ثم إلى قدر الحمصة، ثم إلى المقدار المحسوس الآن، يقال: إن اليوم لا يأكل الحنطة ولا يشرب الماء، أما الأول: فلأن آدم عصى بالحنطة ربه، وأما الثاني: فلأن قوم نوح أهلكوا بالماء.
وقرأ أبو بكر (٢): ﴿نُنْبِتُ﴾ بنون العظمة، وقرأ الزهري ﴿نُنَبِّتُ﴾ بالتشدد، قيل للتكثير والتكرير، والذي يظهر أنه تضعيف التعدية، وقرأ أُبيٌّ: ﴿يَنْبُت﴾ من نبت، ورفع الزرع وما عطف عليه، ﴿و﴾ ينبت لكم بذلك الماء ﴿الزيتون﴾ الذي هو إدام من وجه، وفاكهة من وجه، قال في "إنسان العيون": شجرة الزيتون تعمِّر ثلاثة آلاف سنة، وهو جمع زيتونة، ويقال للشجرة نفسها: زيتونة، ﴿و﴾ وينبت لكم ﴿النخيل﴾ والنخيل والنخل بمعنى واحد، وهو اسم جمع، والواحدة نخلة كالثمرة والثمر، وفي الحديث: "أكرموا عمتكم النخلة، فإنها خلقت من فضل طينة آدم، وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران، فأطعموا نسائكم الولَّد الرطب، فإن لم يكن رطب فتمرٌ"، كما في
(٢) البحر المحيط.