ومنازلكم، أو إرادة أن تهتدوا بها في أسفاركم، فلعل مستعارة لمعنى الإرادة كما في "روح البيان".
قال بعضهم (١): خذوا الطريق ولو دارت، واسكنوا المدن ولو جارت، وتزوجوا البكر ولو بارت؛ أي: ولو كانت البكر بورًا؛ أي: فاسدة هالكة لا خير فيها.
١٦ - ﴿و﴾ كذلك جعل سبحانه وتعالى في الأرض ﴿علامات﴾؛ أي: معالم ودلائل، يهتدي ويستدل بها السابلة في النهار، وهم القوم المختلفة على الطريق من جبال كبار وآكام صغار، وسهول ومياه وأشجار وريح، كما قال الإِمام الرازي: رأيت جماعة يشمون التراب وبواسطة ذلك الشم يتعرفون الطرقات، حتى إذا ضلوا الطريق، كانت تلك العلامات عونًا لهم، وهدتهم إلى السبيل السوي في البر والبحر.
﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ بالليل في البراري أو البحار، حيث لا علامة غيره، ولعل (٢) الضمير لقريش، فإنهم كانوا كثيري التردد للتجارة مشهورين بالاهتداء بالنجوم في أسفارهم، وصرف النظم عن سنن الخطاب، وتقديم النجم وإقحام الضمير للتخصيص، كأنه قيل: وبالنجم خصوصًا هؤلاء يهتدون، فالاعتبار بذلك ألزم لهم، والشكر عليه أوجب عليهم، والمراد بالنجم الجنس، أو الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدي، وذلك لأنها تعلم بها الجهات ليلًا لأنها دائرة حول القطب الشمالي، فهي لا تغيب، والقطب في وسط بنات نعش الصغرى، والجدي هو النجم السابع من بنات النعش الصغرى، والفرقدان هما النجمان الأولان من النعش الصغرى، وهما من النعش، والجدي من البنات، ويقرب من بنات نعش الصغرى بنات نعش الكبرى، وهي سبعة أيضًا أربعة نعش وثلاث بنات، وبإزاء الأوسط من البنات السهى: وهو كوكب خفي صغير كانت الصحابة - رضي الله عنهم - تمتحن فيه أبصارهم، كذا في "التكملة" لابن عساكر، وفي
(٢) روح البيان.