نَزَلَ} وذكر المؤمنين به أهل العلم، وأنه يزيدهم خشوعًا، وأنه تعالى أمر بالحمد له، وأنه لم يتخذ ولدًا: أمره تعالى بحمده على إنزال هذا الكتاب السالم من العوج، القيم على كل الكتب، المنذر من قال اتخذ الله ولدًا، المبشر المؤمنين بالأجر الحسن، ثم استطرد إلى حديث كفار قريش، والتفت من الخطاب في قوله: وكبّره تكبيرا، إلى الغيبة في قوله: ﴿عَلى عَبْدِهِ﴾ لما في ﴿عَبْدِهِ﴾ من الإضافة المقتضية تشريفه، ولم يجىء التركيب: أنزل عليك.
أسباب النزول
سبب نزولها (١): ما أخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق، عن شيخ من أهل مصر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: بعثت قريش النضر بن الحارث، وعقبة ابن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة، فقالوا لهما: سلاهم عن محمد، وصفا لهم صفته، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى أتيا المدينة، فسألاهم فقالوا: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل، فالرجل متقوّل، فروا فيه رأيكم، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول، ما كان من أمرهم؟ فإنه كان لهم حديث عجيب، وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح، ما هي؟ فأقبلا حتى قدما على قريش، فقالا: قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، فجاؤوا رسول الله - ﷺ - فسألوه فقال: أخبركم غدًا بما سألتم عنه، ولم يقل: إن شاء الله.. فانصرفوا فاستلبث الوحي خمسة عشر يومًا، ولا يأتيه جبريل حتى أرجف كفار قريش، وقالوا: إنّ محمّدًا قد تركه رئيه الذي كان يأتيه من الجن، وقال بعضهم: قد عجز عن أكاذيبه، فشقّ ذلك على رسول الله - ﷺ - فلمّا انقضى الأمد، جاءه الوحي بجواب الأسئلة وغيرها، فجاءه جبريل بسورة أهل الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم، وبيان أمر الفتية، والرجل الطوّاف، وأنزل بعد ذلك ﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ...﴾ الآية.

(١) لباب النقول والبحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon