اختلاف فيه ولا تفاوت، بل بعضه يصدق بعضًا، وبعضه يشهد لبعضٍ، ولا اعوجاج فيه، ولا ميل عن الحق. ﴿لِيُنْذِرَ بَأْسًا﴾؛ أي: ليخوف الذين كفروا به عذابًا شديدًا، صادرًا من عنده تعالى؛ أي: نكالًا في الدنيا، ونار جهنم في الآخرة. ﴿وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾، أي: ويبشر المصدّقين الله ورسوله، الذين يمتثلون أوامره ونواهيه بأن لهم ثوابًا جزيلًا منه على إيمانهم به، وعملهم الصالح في الدنيا، وذلك الثواب الجزيل هو الجنة التي وعدها الله المتقين، خالدين فيها أبدًا، لا ينتقلون منها ولا ينقلون.
٤ - ﴿وَيُنْذِرَ﴾ الكتاب أو محمدٌ أيضًا خاصة ﴿الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ بأسًا شديدًا من لدنه ذكر (١) المنذرين دون المنذر به، بعكس الأول استغناءً لتقديم ذكره؛ أي: وليحذر من بين هؤلاء الكفار من قالوا هذه المقالة الشّنعاء: إن الله اتّخذ ولدًا، وهؤلاء ثلاث طوائف:
١ - المشركون الذين قالوا: الملائكة بنات الله.
٢ - اليهود القائلون: عزيرٌ ابن الله.
٣ - النصارى القائلون: المسيح ابن الله.
٥ - وإنما خص هؤلاء مع دخولهم في الإنذار السّابق لفظاعة حالهم، وشناعة كفرهم وضلالها ﴿ما لَهُمْ﴾؛ أي: ما لهؤلاء القائلين ﴿بِهِ﴾؛ أي: باتخاذه تعالى ولدا ﴿مِنْ عِلْمٍ﴾؛ أي: برهان وحجة بل هو قول لم يصدر عن علم يؤيده، ولا عقل يظاهره، ﴿وَلا لِآبائِهِمْ﴾؛ أي: ولا لأسلافهم الذين قلدوهم في تلك المقالة به علم؛ أي: على اتّخاذه تعالى ولدًا برهانٌ وحجةٌ؛ أي: وكذلك ليس لآبائهم الذين قالوا مثل هذه المقالة، وهم القدوة لهم به من علم، والمعنى: أي: ليس لهم، ولا لأحد من أسلافهم الذين قلّدوه علم بهذا القول، أهو صواب أو خطأ، بل إنما قالوه رميا عن جهالة من غير فكر ونظر فيما يجوز على الله، ويمتنع، و ﴿مِنْ عِلْمٍ﴾ مرفوع على الابتداء، و ﴿مِنْ﴾ مزيدة لتأكيد النفي ﴿كَبُرَتْ﴾؛ أي:

(١) النسفي.


الصفحة التالية
Icon