الكلمة كلمة، ومن رفع لم يضمر شيئًا كما تقول: عظم قولك، وقال الزجاج: من نصب فالمعنى كبرت مقالتهم: اتخذ الله ولدًا، وكلمة منصوب على التمييز، ومن رفع فالمعنى: عظمت كلمة هي قولهم اتّخذ الله ولدًا، ومعنى قوله: ﴿تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ﴾؛ أي: إنّها قول بالفم، لا صحّة لها، ولا دليل عليها. ذكره ابن الجوزي.
٦ - ﴿فَلَعَلَّكَ﴾ يا محمد ﴿باخِعٌ﴾، أي: مهلك ﴿نَفْسَكَ﴾ وقاتلها ﴿عَلى آثارِهِمْ﴾؛ أي: على إعراضهم وتوليهم عن الإيمان بك؛ أي: فلعلك يا محمد متبع نفسك وراءهم أو مجهدها، أو متعبها، أو مهلكها، وقاتلها غمًا وهمًا على تولّيهم، وإعراضهم عن الإيمان بك، ﴿إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ﴾؛ أي: بهذا القرآن، وجواب الشرط محذوف دلّ عليه الترجّي تقديره: إن لم يؤمنوا بهذا الحديث فلا تبال بهم، ولا تحزن عليهم، ولا تذهب نفسك ﴿أَسَفًا﴾ عليهم، وحزنا على عدم إيمانهم، فهو مفعول له، لـ ﴿باخِعٌ﴾ أو مصدر في موضع الحال، والأسف أشد الحزن كما في «القاموس».
وقرأ الجمهور (١) ﴿باخِعٌ﴾ بالتنوين ﴿نَفْسَكَ﴾ بالنصب، وقرىء ﴿باخع نفسك﴾ بالإضافة، والإشارة بهذا الحديث إلى القرآن قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتابًا مُتَشابِهًا﴾ وفي «الصحاح» الحديث ضد القديم، ويُستعمل في قليل الكلام وكثيره.
والحاصل: أن لعل (٢) هنا للاستفهام الإنكاري، المتضمن معني النهي، أي لا تبخع نفسك من بعد توليهم عن الإيمان، وإعراضهم عنه أسفا وحسرة عليهم؛ أي: إنك قد اشتد وجدك عليهم، وبلغت حالًا من الأسى والحسرة، صرت فيها أشبه بحال من يحدث نفسه أن يبخعها أسى وحسرة عليهم، وما كان من حقك أن تفعل ذلك إن عليك إلا البلاغ وليس عليك الهداية ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ﴾.

(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon