روي: أن النّبيّ - ﷺ - قال: «إن الدنيا نضرة حلوة، والله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون» وقال: «إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا» قيل: وما زهرة الدنيا؟ قال: «بركات الأرض». وروى البخاري أنّ عمر كان يقول: اللهم إنا لا نستطيع إلّا أن نفرح بما زيّنته لنا، اللهم إني أسألك أن ننفقه في حقه.
٨ - ﴿وَإِنَّا لَجاعِلُونَ﴾ فيما سيأتي عند تناهي عمر الدنيا، ﴿ما عَلَيْها﴾ أي: ما على الأرض من المخلوقات قاطبة ﴿صَعِيدًا﴾، أي: ترابا ﴿جُرُزًا﴾؛ أي: لا نبات فيه، وسنةٌ جرزٌ لا مطر فيها؛ أي: وإن الأرض وما عليها بائد فان، وإن المرجع إلى الله، فلا تأسى، ولا تحزن لما تسمع وترى، ونحو الآية ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦)﴾ وقوله: ﴿فَيَذَرُها قاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجًا وَلا أَمْتًا (١٠٧)﴾.
وإجمال المعنى: أنّ ما على الأرض سيصير ترابًا ساذجًا بعد ما كان يتعجّب من بهجته النظارة، وتسر برؤيته العيون، فلا تحزن لما عاينت من تكذيب هؤلاء، لما أنزل عليك من الكتاب، فإنا جعلنا ما على الأرض من مختلف الأشياء زينة لها لنختبر أعمال أهلها، فنجازيهم بحسب ما هم أهل له، وإنا لمفنون ذلك بعد حين، وفي هذا تسلية لرسوله - ﷺ -، وكأنه قيل: لا تحزن فإنّا ننتقم لك منهم.
وخلاصة النظم: لا تحزن يا محمد ممّا وقع من هؤلاء من التكذيب، فإنّا قد جعلنا ما على الأرض زينة لاختبار أعمالهم، وإنا لمذهبون ذلك عند انقضاء عمر الدنيا، فمجازوهم إن خيرًا.. فخيرٌ، وإن شرًا.. فشرٌ.
ملخص قصة أهل الكهف كما أثر عن العرب
روي أنّ النّصارى عظمت فيهم الخطايا، وطغت ملوكهم، حتى عبدوا الأصنام، وأكرهوا النّاس على عبادتها، وأصدر الملك دقيانوس الأوامر المشددة في ذلك، ومعاقبة من يخالفه، وأراد أن يلزم فتيةٌ من أشراف قومه عبادتها، وتوعّدهم بالقتل، فأبوا إلا الثبات على دينهم، فنزع ثيابهم، وحليّهم، ولكنّه رحم شبابهم، فأمهلهم لعلهم يتوبون إلى رشدهم، وهكذا ذهب الملك إلى مدن أخرى، ليحث أهلها على عبادتها، وإلا قتلوا.