باب الغار قد سدّ كما ذكر، لم يستقم قوله: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ﴾ إلخ فليتأمّل وليحرّر، وقرأ (١) الحرميان - نافع وابن كثير - وأبو عمرو: ﴿تزَّاورَ﴾ بإدغام تاء تتزاور في الزاي، وقرأ الكوفيون، والأعمش، وطلحة، وابن أبي ليلى، وابن مناذر، وخلف، وأبو عبيد، وابن سعدان، ومحمد بن عيسى الأصبهاني، وأحمد بن جبير الأنطاكي، بتخفيف الزاي، إذا حذفوا التاء، وقرأ ابن أبي إسحاق وابن عامر، وقتادة، وحميدٌ، ويعقوب، عن العمري ﴿تَزْوَرُّ﴾ على وزن تحمر، وقرأ الجحدريُّ، وأبو رجاء، وأيّوبٌ السختيانيُّ، وابن أبي عبلة، وجابر، وورد عن أيوب ﴿تَزْوَارُّ﴾ على وزن تحمار، وقرأ ابن مسعود، وأبو المتوكل ﴿تَزْوَأَرُّ﴾ بهمزة قبل الراء، على وزن قولهم: ادهأمَّ واشْعَأل فرارًا من التقاء الساكنين، وكلّها بمعنى الزور، بمعنى الميل، وقرأ الجمهور ﴿تَقْرِضُهُمْ﴾ بالتاء، وقرأت فرقة بالياء؛ أي: يقرضهم الكهف، وللمفسرين (٢) في تعيين مكان الكهف أقوال، فقيل: هو قريب من إيلياء - بيت المقدس - ببلاد الشام، وقال ابن إسحاق عند نينوى ببلاد الموصل، وقيل: ببلاد الروم، ولم يقم إلى الآن الدّليل على شيء من ذلك، ولو كان لنا في معرفة ذلك فائدة دينية.. لأرشدنا الله إليه، كما قال - ﷺ -: «ما تركت شيئًا يقرّبكم إلى الجنة ويباعدكم من النار، إلا وقد أعلمتكم به».
وخلاصة ذلك: أي إن هدايتهم إلى التوحيد، ومخالفتهم قومهم، وآباءهم، وعدم الاكتراث بهم وبملكهم مع حداثتهم، وإيواءهم إلى كهف تلك صفته، بحيث تزاور الشمس عنهم طالعةً، وتقرضهم غاربة، وإخبارك بقصصهم، كل ذلك ﴿مِنْ آياتِ اللَّهِ﴾ سبحانه وتعالى الكثيرة في الكون الدالّة على كمال قدرته، وعلى أنّ التّوحيد هو الدين الحق، وعلى أن الله يكرم أهله.
والمعنى (٣): أي ما صنع الله بهم من تزاور الشمس وقرضها حالتي الطلوع والغروب، مع كونهم في موقع شعاعها من آيات الله العجيبة الدالة على كمال

(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon