غالب على المؤنث، كحائض؛ أي: فاجرة تبغي الرجال، يريد نفي الوطأ مطلقًا وأن الولد إما من النكاح الحلال أو الحرام، أما الحلال فلأنها لم يمسها بشر، وأما الحرام فلأنها لم تك بغيًا، فإذا انتفى السببان جميعًا.. انتفى الولد.
٢١ - ﴿قَالَ﴾ جبريل مجيبًا لها عما سألت ﴿كَذَلِكِ﴾؛ أي: الأمر كما قلت لك من هبة الولد لك، أو الأمر كما قلت (١) لي من أنه لم يمسسمك رجل نكاحًا أو سفاحًا ولكن ﴿قَالَ رَبُّكِ﴾ ومالك أمرك الذي أرسلني إليك ﴿هُوَ﴾؛ أي: هبة الولد لك، وخلقه منك من غير أن يمسك بشر أصلًا ﴿عَلَيَّ﴾ خاصةٌ ﴿هَيِّنٌ﴾؛ أي: سهل وإن كان مستحيلًا عادةً؛ لأني لا أحتاج إلى الوسائط.
والمعنى (٢): أي قال الملك مجيبًا لها عما سألت إن الله قد قال: إنه سيوجد منك غلام، ولم تكوني ذات بعلٍ ولا تقترفين فاحشةً، فإنه تعالى على ما يشاء قدير، ولا يمتنع عليه فعل ما يريده، ولا يحتاج في إنشائه إلى المواد والآلات، ونحو الآية قوله في سورة آل عمران: ﴿كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.
قوله: ﴿وَلِنَجْعَلَهُ﴾ معطوف على علةٍ محذوفة لمعلول محذوف، تقديره: فعلنا ذلك لنبين به قدرتنا، ولنجعل هذا الغلام أو خلقه من غير أب ﴿آيَةً لِلنَّاسِ﴾؛ أي: برهانًا يستدلون به على كمال قدرتنا، وباهر حكمتنا، أو علة لمعلول محذوف متأخر، تقديره؛ أي: ولنجعله آيةً للناس خلقناه.
والمعنى: وفعلنا ذلك لنجعل خلقه من غير أبٍ برهانًا على قدرتنا، فقد خلقنا أباهم آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلقنا عيسى من أنثى من غير ذكر، وخلقنا حواء من ذكر من غير أنثى، وخلقنا بقية بني آدم من ذكر وأنثى، فجمله أنواع خلق البشر أربعة، وإلى الأولين أشار القائل:
ألاَ رُبَّ مَوْلُوْدٍ وَلَيْسَ لَهُ أبُ | وَذِيْ وَلَدٍ لَمْ يَلِدْهُ أَبَوَانِ |
(٢) المراغي.