الْمَخَاضُ}؛ أي: فألجأها وجع الولادة وأم الطلق، يقال: جاء بها، وأجاءها، فهو تعدية جاء بالهمزة، ويقال: مخضت المرأة إذا تحرك الولد في بطنها للخروج.
وقرأ الجمهور (١): ﴿فَأَجَاءَهَا﴾؛ أي: ساقها واضطرها، وقال الشاعر:

وجَارٌ سَارَ مُعْتَمِدَاً إِلَيْكُم أَجَاءَتْهُ المَخَافَةُ والرَّجَاءُ
وأمال فتحة الجيم الأعمش، وطلحة، وقرأ حماد بن سلمة عن عاصم: قال ابن عطية، وشبيل بن عزرة: ﴿فاجأها﴾ من المفاجاة، وقال صاحب "اللوامح" شبيل بن عزرة: ﴿فاجأها﴾ فقيل: هو من المفاجاة، بوزن فاعلها وروي عن مجاهد: كقراءة حماد عن عاصم، وقرأ (٢) عكرمة، وإبراهيم النخعي، وعاصم الجحدري ﴿المِخَاض﴾ بكسر الميم؛ أي: فالجأها واضطرها وجه الولادة أن تستند ﴿إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ﴾؛ أي: إلى (٣) أصل نخلة يابسة، لا رأس لها للتشبث به، لتسهل الولادة، كما أن الحامل تتعلق لشدة وجع الولادة بشيء مما تجد عندها، وكان الوقت شتاءً شديد البرد، فلما اعتمدت عليه بصدرها أخضر، وأطلع الجريد والخوص والثمر رطبًا في وقت واحد، كما أن حمل عيسى وتصويره وولادته في وقت واحد، وكأن الله أرشدها إلى النخلة ليريها من آياته ما يسكن روعتها، وليطعمها الرطب الذي هو أشد الأشياء موافقة للنفساء، فهو خرسة لها.
والخرسة بالتاء: طعام النفساء، وبدونها طعام الولادة، ولأن النخلة من أقل الأشجار صبرًا على الأرض، ولأنها لا تثمر إلا عند اللقاح من ذكر النخل، وإذا قطعت رأسها ماتت، فكأنه تعالى قال: كما أن الأنثى لا تلد إلا مع الذكر، فكذا النخلة لا تثمر إلا عند اللقاح، ثم إني أظهر الرطب من غير اللقاح، ليدل ذلك على جواز ظهور الولد من غير ذكر، فحملها بمجرد هزها أنسب شيء بإتيانها بولد من غير والد.
(١) البحر المحيط.
(٢) زاد المسير.
(٣) المراح.


الصفحة التالية
Icon