التوكيد الثقيلة، وطريق حذل اللام أنها تحركت وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، فالتقت ساكنة مع ياء الضمير، فحذفت لالتقاء الساكنين، ثم نقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، وهو الراء، ثم حذفت الهمزة ثم حذفت نون الرفع للجازم وهو إن الشرطية، ثم حركت ياء الضمير لالتقاءِ الساكنين، هما ياء الضمير والنون الأولى من نوني التوكيد فإنها بنونين، فصار ترين بوزن تفين.
والحاصل: أن الأعمال ستة أو سبعة: قلب الياء ألفًا، ثم حذفها، ثم نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، وحذفها، ثم حذف نون الرفع، ثم إدخال نون التوكيد، ثم تحريك ياء الضمير اهـ. شيخنا.
﴿فَقُولِي﴾؛ أي: أشيري إليهم، قال الفراء: العرب تسمي كل ما أفهم الإنسان شيئًا كلامًا بأيّ طريق كان، إلا إذا أكد بالمصدر، فيكون حقيقة في الكلام، كقوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاحتراس في قوله: ﴿نِدَاءً خَفِيًّا﴾ وهو أن يأتي المتكلم بمعنى يتوجه عليه فيه دخل أو لبس أو إيهام، فيفطن لذلك حال العمل، فيأتى في صلب الكلام بما يخلصه من ذلك كله، فاحترس هنا بقوله: ﴿خَفِيًّا﴾ مما يوهم الرياء أمام الناس الذين يحكمون على الظاهر، أو اللوم على طلب الولد في إبّانِ الكبر والشيخوخة، وقيل: احتراس من مواليه الذين خافهم.
ومنها: الكناية في قوله: ﴿وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي﴾ فإنه كناية عن ذهاب القوة وضعف الجسم.
ومنها: الاستعارة المكنية في قوله: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ شبه انتشار الثيب وكثرته في الرأس باشتعال النار في الحطب، واستُعير الاشتعال للانتشار، واشتق منه اشتعل بمعنى انتشر على طريق الاستعارة التبعية.