وقوله: ﴿الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ صفة لعيسى أيضًا؛ أي: ذلك عيسى ابن مريم ﴿الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ قول الحق وكلمته، ومعنى ﴿يَمْتَرُونَ﴾: يختلفون، على أنه من المماراة، أو يشكون، على أنه من المرية، وقد وقع الاختلاف في عيسى، فقالت اليهود: هو ساحر، وقالت النصارى: هو ابن الله، وكذا وقع الشك فيه من النصارى، هل هو ابن الله، أو كلمته ألقاها إلى مريم؟.
وقيل: يحتمل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: قوله السابق من الصفات الثمانية القول الحق؛ أي: الصدق الذي فيه يمترون، والحق بمعنى الصدق، وإضافة القول إليه من إضافة الموصوف إلى الصفة، مثل حقّ اليقين، والموصول على هذا صفة للقول.
وعلى قراءة نصب القول يكون القول مفعولًا مطلقًا، لقوله: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ وقوله: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ اعتراض؛ أي: قال: إني عبد الله قول الحق؛ أي: القول الصدق الذي فيه يمترون.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وحمزة، والكسائي: ﴿قول الحق﴾ برفع اللام، وقرأ زيد بن علي، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، وابن أبي إسحاق، والحسن، ويعقوب ﴿قَوْلَ الْحَقِّ﴾ بنصب اللام، وانتصابه على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة، وقرأ (١) ابن مسعود والأعمش: ﴿قال﴾ بألف ورفع اللام وقرأ الحسن: ﴿قول﴾ بضم القاف ورفع اللام، وهي مصادر كالرهب والرهب والرهب، وقرأ طلبة، والأعمش في رواية زائدة: ﴿قال﴾ بألف جعله فعلًا ماضيًا ﴿الحق﴾ برفع القاف على الفاعلية، والمعنى: قال الحق وهو الله ذلك الناطق الموصوف بتلك الأوصاف هو عيسى ابن مريم، و ﴿الَّذِي﴾: على هذا خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو ﴿الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾، وقرأ علي - كرم الله وجهه - وأبو مجلز، ومعاذ القارىء، وابن يعمر، وأبو رجاء، والسلمي، وداود بن أبي هند، ونافع في روايةٍ، والكسائي وفي رواية: ﴿تمترون﴾ بتاء الخطاب، والجمهور:

(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon